تلاميذ بـ"الثانوي" يدرسون في ابتدائية خلّفها الاستعمار بقلعة السراغنة.
في الوقْت الذي يتحدّثُ المسؤولون عن قطاع التعليم عن بذْل جهودٍ لتجويد المنظومة التعليمية، والظروف التي يَدرُس فيها التلاميذ ويُدَرّس فيها الأساتذة داخل المؤسسات التعليمية، يعاني تلاميذ الثانوية التأهيلية بزمران الشرقية، بقلعة السراغنة، وأساتذتهم الأمرَّيْن، بسبب عدم اكتمال أشغال بناء الثانوية رغم انطلاقها منذ سنة 2010.
ويعُودُ سببُ عدم اكتمال أشغال بناء الثانوية، بحسب بيان مشترك صادر عن نقابتيْ الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد المغربي للشغل، إلى وُجود خلافاتٍ مع المقاول المكلّف بالبناء، وهُوَ ما أدّى إلى وقف الأشغال رغْم عدم اكتمال بناء الثانوية، التي وصفها البيان بـ"الثانوية الوهميّة"، في حين هي تُعتبرُ على أوراق مصالح الوزارة موجودة منذ الموسم الدراسي 2011/2012.
ولمْ يجد مسؤولو نيابة وزارة التربية الوطنيّة بإقليم قلعة السراغنة من حَلٍّ سوى تدريس التلاميذ في إعدادية مجاورة لمبنى الثانوية، ونظرا لتزايُد أعداد المتمدرسين بالتعليم الثانوي، فقد تمّ توزيعُ التلاميذ، خلال السنة الماضية، على قاعات يقول بيان النقابتيْن إنها متباعدة، وغير مجهزة، ولا تراعي أدنى شروط التحصيل الدراسي، بلْ وتُعرّض سلامة التلاميذ للخطر.
وفي السنة الحاليّة استمرّتْ معاناة التلاميذ، بعد نقلهم إلى مدرسة ابتدائيّة شُيّدتْ منذ الستّينيات من القرن الماضي، وأوضح أحدُ أساتذة الثانوية التأهيلية الخوارزمي زمران الجديدة، في اتصال مع هسبريس، أنَّ المدرسة الابتدائية التي نُقلَ إليها التلاميذ تفتقرُ إلى أبسط الشروط الكفيلة بضمان الحدّ الأدنى من ظروف التحصيل العلمي، قائلا: "المدرسة التي يدرس فيها التلاميذ حاليا أشبه بحظيرة للبهائم".
ودفَعَ التماطلُ، الذي طالَ إنهاءَ أشغال بناء ثانوية الخوارزمي، التلاميذَ المتضررين إلى خوْض وقفات احتجاجية، طالبوا من خلالها بالتسريع بإنهاء أشغال بناء الثانوية، خاصّة أنّ الحالة المتردّية التي تُوجدُ عليها فصول المدرسة الابتدائية التي تمّ نقلُهم إليها ستتردّى أكثر خلال الأيام والأسابيع القليلة القادمة مع اقتراب فصْل الشتاء، علما أنَّ الفصول الدراسيّة ليْست مغطّاة سوى بالقصدير، وأنَّ أسقُفَها تقطرُ بالماء، بحسب إفادة أحد الاساتذة.
ولمْ يبْدأْ تلاميذ الثانوية التأهيلية "الخوارزمي" بزمران الجديدة الدراسة إلا يومَ أمْس، أيْ بعد مُضيّ أكثر من شهْرٍ على بداية الموسم الدراسيّ، وتمَّ توزيعهم بيْن أقسام المدرسة الابتدائية وثلاث قاعاتٍ توجدُ بمقرّ الجماعة. وقالَ الأستاذ الذي تحدّث إلى هسبريس إنَّ "أساتذة الثانوية اضطرّوا إلى تدريس التلاميذ، وإنْ كانَت عملية التدريس تتمّ في ظروف سيّئة، تفاديّا لضياع الموسم الدراسي".
غيْرَ أنّ التلاميذ، وإنْ كانوا قد التحقوا بفصول الدراسة، بعْد ضياع أربعة أسابيع، إلّا أنهم سيُحرمون من دراسة جُزء من المقرّر، إذ إنهم لا يدرسون مادّة الترجمة، ومادّة الإعلاميات، بسبب غياب قاعة خاصّة بهما، كمَا أنهم محرومون من الدروس التطبيقيّة للموادّ العلمية، في ظلِّ غياب مختبر. وأوْضح أحد الأساتذة أنَّ المؤسسة التعليمية التي يدرس بها التلاميذ حاليا لا تتوفّر حتّى على مستودع الملابس لمادّة التربية البدنية.
نائبُ وزارة التربية الوطنية بإقليم قلعة السراغنة، مبارك هرشي، قالَ، في اتصال مع هسبريس، إنَّ سببَ توقُّف أشغال بناء الثانوية التأهيلية "الخوارزمي" يعُود إلى كوْن المقاولة الاسبانية عجزتْ عنْ مواصلة أشغال البناء، بسبب الأزمة الاقتصادية، وتوقفت الأشغال سنة 2013، مُوضحا أنَّ ما أخّر إعادة الأشغال هو تعقّد المساطر القانونية، وأنَّ التعاقد تمّ مع مقاول جديد وستُستأنفُ أشغال البناء خلال الأسبوع المقبل.
وأكّدَ النائبُ أنّ أشغال البناء ستتمُّ مع نهاية الموسم الدراسي الحالي، غيْرَ أنَّ أستاذا بثانوية الخوارزمي قالَ إنَّ الأشغال- بحسب المعلومات التي استقاها من المقاولة- لن تتمَّ إلا مطلعَ السنة القادمة. وفيما يتعلّق بالأوضاع التي يدرسُ فيها التلاميذ حاليّا بالمدرسة الابتدائية، وتأخّر التحاقهم بفصول الدراسة، قالَ النائب: "علاهْ كايْن اللي قْرا فالوقْت حْتّى في الرباط والدار البيضاء؟".
النائبُ ألْقى بالمسؤوليّة على الأساتذة بقوله: "كلشي كان موجود منذ الصيف، ولكنّ الأساتذة كانت لديهم بعض الالتزامات ودازو على طريق التلاميذ"، لكنّ هذه الرواية ينفيها أستاذ بالثانوية، موضحا أنَّ الأساتذة قرّروا مقاطعة التدريس بالمدرسة الابتدائية، "لكونها تفتقر إلى الماء والكهرباء والمرافق الصحية وكلّ شيء، ومدمّرة كأنّ زلزالا ضربها"، وأضاف أنّ الأساتذة التقوا مع النائب وقال لهم "ما عندي ما ندير لكم".
واعترف النائبُ الإقليمي بكوْن المدرسة الابتدائية التي يدرس بها التلاميذ حاليّا "قديمة شوية"، مستدركا: "ولكن دخلنا شوية ديال الما وشوية ديال الضو والمرافق الصحية"، بيْنما قالَ أستاذ بالثانوية إنَّ كلّ ما تمّ توفيره لحدّ الآن لم يتعدّ "جُوجُ روبينيات ومرحاضين للتلاميذ، ومرحاض للأساتذة"، وأضاف أنَّ أقسام المدرسة ضيّقة، ويتكدّسُ في القسم الواحد أربعون تلميذا أو أكثر، ويصل عدد التلاميذ إلى 360 تلميذا، وعلّق على الوضعية التي يدرس فيها التلاميذ بالقول: "ما كايْن لا قراية لا والو".
تلاميذ بـ"الثانوي" يدرسون في ابتدائية خلّفها الاستعمار بقلعة السراغنة
تلاميذ بـ"الثانوي" يدرسون في ابتدائية خلّفها الاستعمار بقلعة السراغنة
ليست هناك تعليقات