منهجية الشعر الحديت
لقد ظهرت حركة الشعر الحديث استجابة لعدة تغيرات بغية تجديد جدري ينطلق من رؤية حديثة للمضمون بحيث كان هذا الشعر شهادة إثبات لجيل جديد أراد التحرر من كل قيود الماضي حيث كانت البداية رفقة السياب والملائكة والبياتي
ويعتبر (الشاعر) من الذين فضلوا الالتجاء إلى الحداثة ردا على الرومانسية والتقليدية وانطلاقا من المؤشرات النصية الخارجية والمثمتلة في السطر المتفاوتة الطول وتنوع القافية والروي واعتماد التفعيلة بدل الوزن فانه يمكننا أن نفترض بان القصيدة تندرج ضمن الشعر الحديث فالي أي حد استجابة هده القصيدة لمقومات هذا الخطاب وما هي الأساليب التي سخرها الشاعر لإيصال أحاسيسه إلينا كقراء ؟فللإجابة عن هذه التساؤلات المطروحة لابد لنا من الإبحار في أعماق القصيدة لاستقطاب معانيها ودلالتها بدءا بمضمونها وانتهاء بخصائصها. جاء مضمون القصيدة ليعبر عن ذات شاعر أبى إلا أن (المضمون) ونجد أن الشاعر قد سخر مجموعة من الأشياء للدفاع عن فكرته وفي مقدمتها المعجم الذي نجده يتفرع إلى حقلين دلاليين: حقل دال على (....) وحقل دال علي (....) بالنسبة للألفاظ التي تعبر عن الحقل الأول فهي (.....) أما الألفاظ الدالة علي الحقل الثاني فهي (....) ومنه فان العلاقة الكائنة بين الحقلين هي علاقة (تكامل أو تناقض )...وتبقى ألفاظ القصيدة ألفاظ حديثة مألوفة ومتداولة حيث حملها الشاعر بشحنات دلالية جديدة تتناسب مع سياق النص ورؤيته الشعرية وبعده الفكري. ومن أجل تقريب المعنى أكثر الينا كقراء لجأ الشاعر إلى إضفاء لمسات فنية على قصيدته حيث أن ما ميز جانب التصوير في القصيدة انه اعتماد على تقنيات بلاغية القديمة مثل أسلوب التشبيه كقوله في البيت رقم .. (شرح التشبيه) وكذلك نجد الاستعارة في البيت (شرح الاستعارة) إضافة إلى اعتماد الشاعر على الصور الحديثة من توظيف الإيحاءات والرموز التي يمكن لها أن تتخذ عدة دلالة مثل دلالة ديني تاريخية سياسية خرافية الأماكن والشخصيات والأساطير مثل اليونانية أديب سربروس سيزيف وأخرى بابلية مثل عشتار وتموز وأخرى عربية مثل سندباد (....) +وجود غربة المدينة + الحروف=الكلمة+ الحب + العالم =الكون .و كل هذا يدفعنا للحديث عن جانب أخر من جوانب القصيدة ألا وهي البنية الإيقاعية للقصيدة فهذه الأخيرة قد كسرت كل القوالب التقليدية الموروثة فمن الناحية الخارجية تعتمد القصائد على نظام الأسطر المتفاوتة الطول حيث عوض نظام الشطرين ونظام التفعيلة كوحدة وزنيه حيث نظم الشاعر قصيدته على تفعيلة أحد البحور ووزعها بشكل محكم تتحكم فيه الدفقة الشعورية إضافة إلى اعتماد قافية(مرسلة +متتابعة +مركبة) أما من الناحية الإيقاع الداخلية فهو يتبلور من خلال ظاهر التكرار الذي لحق صوامت القصيدة مثل ( ب.د.ز.ع.ر.ج.م وهي مجهورة+س.ش.خ.ح.ق.ك وهي حروف مهموسة) وهي تتأرجح بين الهمس والجهر)لتعبر عن انفعالات الشاعر إضافة إلى تكرار الصوائت الطويلة والقصيرة (وهي المدود التي تدل على آهات الشاعر وتحسره على مال إليه) ناهيك عن تكرار بعض الجمل والعبارات مثل ... (انزياح إيقاعي وهو تكسير بنية الشطرين)(التوازي كان قلبي الذي نسجته الجروح=كان قلبي الذي لعنته الشروح) (التجانس الصوتي شهود سجود...) وكل هذه التكرار أغنى جرس القصيدة المتنامي بشكل يتحكم في إيقاع النص.دون أن ننسى أن الشاعر يستعمل أحيانا الوقفة الدلالية دون العروضية وأحيانا أخر يستعمل العروضية دون الدلالية ونجد أن الشاعر قد سخر مجموعة من الأساليب تفرعت بينما هو خبري وإنشائي حيث يطغى الأسلوب الخبرية في القصيدة نظرا لتقريريته التي تتناسب مع القالب الحكائي الذي صيغة فيه القصيدة دون أن ننسى الأساليب الإنشائية والمتمثلة في أسلوب (التعجب.النداء.التمني.القسم.الدم المدح.استفهام.الأمر.النهي ونعرفه بالفعل المضارع المجزوم بلا الناهية ) وكلها أساليب تخدم تقريرية الأسلوب الخبري وتسعى إلى نقل أحاسيس الشاعر ونسجل أيضا طغيان الجمل الفعلية على الاسمية نظرا لما تحمله من قوة وحركية وقد سعى الشاعر في قصيدته إلى توظيف ضمير المتكلم المفرد والمخاطب المفرد من أجل خلق حوارية مع المتلقي. وتأسيسا على ما سبق يمكن القول أن القصيدة هي بمثابة نموذج جديد وحي للمدرسة الحداثية حيث يتضح ذلك من خلال التجديد القائم على عدة مستويات مثل الإيقاع واللغة والمضمون ناهيك عن خرق اللغة بالانزياح
ليست هناك تعليقات