منهجية الشعر الحر,منهجية سؤال الذات,و منهجية البعث و الإحياء !!

منهجية الشعر الحر 
مقدمة : الشعر الحديث، بدا رواده ونقاده ومريدوه يسهمون في ارساء قواعد هذه المدرسة التي عرفت بمدرسة الشعر الحر، ومدرسة الشعراء التفعيلة، وكانت ارهاصاتها قد بدات مع منتصف القرن الماضي، ويعد هذا الشعر الجديد تمرد على الاشكال والطرق الشعرية القديمة، وتجاوزا للعصور الماضية، كما تتسم القصيدة الحديثة لوحدتها العضوية وواقعيتها الفردية التي لا يمكن تفكيكها وترسخت هذه التجربة الشعرية بصورة رائعة في جميع البلدان بدءا (نازك الملائكة والسياب والبياني) في العراق في الاربعينيات، ثم ما لبثت هذه الدائرة ان اتسعت في الخمسينيات فضمت اليهم الشعراء المصريين آخرين مثل صلاح عبد الصبور واحمد عبد المعطي الحجازي. اذن يعد (الشاعر) واحد من اهم شعراء هذا التيار الشعري ومن اهم دواوينه ديوان(...) الذي اقتطفت منه هذه القصيدة. 
سؤال: فهل استطاع في هذه القصيدة ان يفي بالتزامات هذه التجربة الشعرية والى ا حد نجح في تكسير البنية وتجديد الرؤية التي الفناها عند الكلاسيكيين وبعض الرومانسيين ؟ 
العنوان: ولملاحظة النص نقف عند عنوان القصيدة (..) الذي هو(جملة اسمية، مركب اسمي، جملة فعلية) مركبة من كلمتين، الأولى تشير إلى(..) والثانية تشير إلى(..) مما يعني ان العنوان يقودنا الى واقع الشاعر المتقلب. 
المضمون: ويمكن الوقوف على جل ذلك من خلال استخلاص مضمون القصيدة
حيث يستهل الشاعر قصيدته بابراز معاناته من خلال التشخص والتجسيم والرمز فلم يعبر عنها صراحة ولكن ضمنا حيث نجده يبدا قصيدته بـ(..) 
خلاصة المضمون: ومن هنا نلحظ ان جوهر التعبير في القصيدة هو ابراز معاناة الشاعر الحقيقية للواقع التي تعيشه الانسانية المعذبة ومن ثم فالقصيدة تجربة انسانية تجسد وبحق تجديدا في الرؤية الشعرية والتي اضحت تعبر عن قلق الانسان المعاصر يعانيها في حضارته وامته. 
كما نلحظ تحقق واضح في الوحدة العضوية حيث نرى ان حب الوطن والانتماء اليه يدفع الشاعر لدفع خطر المستعمر عن بلاده، ووحدة الجو النفسي والتي تمثلت في الفاجعة والحزن لما آل اليه الوطن الجريح. 
الوحدة العضوية واللغة: وقد عمل السياب على استكمال الوحدة العضوية باستحضار قالب جديد كليا لما اعتدنا عليه لدى الرومنسيين او الكلاسيكين فحيث كانت العاطفة المسيطرة على الشاعر في القصيدة هي عاطفة الحزن فان الشاعر وظف الفاظا توحي بما يعتمل في داخلها من الشعور بالحزن فاستخدمت الفاظا توحي بالحزن العميق الرقيق مثل(احزان القلوب. الوادي الكئيب. الحان اساها. سرت طيفا حزينا فاذا الكون حزين. من العود نشيج ومن الليل انين. ما انت سوى آهة الحزن...) 
اذ استخدم الشاعر لغة واقعية سهلة الدال ايحائية المدلول مثل(..)، والحقيقة ان الغموض او الابهام اصبح ظاهرة تغلف اروقة قصيدة معظم قصائد التجربة الشعرية الحديثة، وقد تنبه غير دارس لهذا الملمح في هذا الشعر. 
فقد اعتمد الشاعر لغة التجريد، مع تركيزه على خاصية التاثير الشعري، مما جعل الشعر يغوص في غمار الغموض والابهام الذي يشكل عائقا عن التواصل مع المتلقي. 
الحقول: غير ان هذا لا يمنع من ناحية اخرى من ادراك الحقلين المكونين للقصيدة
الحقل الدلالي الدال عن الاستعمار(..)"شر". 
الحقل الدلالي الدال عن الوطن (..)"خير". 
خلاصة الجقول: ان وجود هذين الحقلين يفصحان بشكل واضح على البعد الواقعي في القصيدة، والبعد الثوري الرافض للواقع (الحزين، البغيض) من جهة اخرى فالقاموس الذي يوظفه الشاعر يغلب عليه الطابع (الحزن والصبر والامل) لانه يعكس الذات المبدعة بكل صدق وانفعال عفوي. 
الصورة الشعرية: هذا الانفعال الذي تمكن الشاعر من تصويره تصويرا كليا وجزئيا لتوضيح الفكرة والتعبير عن المشاعر فنجده يفصل الصور الكلية بصور جزئية تثري العمل الفني مثل (عيناك حين تبسمان) صورة كلية فسرها بعدة صور جزئية مثل:(ترقص الاضواء كالاقمار في نهر، كانما تنبض في غوريهما النجوم، وتغرقان في ضباب من اسى شفيف، كالبحر سرح اليدين فوقه المساء) فنلاحظ تداعي الصور الشعرية فالصور تتوالد داخليا لتشكل حشدا هائلا من الصور المبنية على التشبيه والتي تعد بمثابة اشعاعات تومض بصفة دورية. 
كما ان الشاعر يقر بالاثر الذي يتركه المطر في الانسان والطبيعة، فشبهه بعدة تشبيهات: 
-- المطر كالدم المراق – المطر كالجياع وكالاطفال وكالموتى. 
وقد استخدم الشاعر بعض المتناقضات (الطباق) للتعبير عما بداخله من احساس: 
كالموت والميلاد، والظلام والضياء، دفء وارتعاشة. 
وقد استعان الشاعر بالرمز فالطفل : رمز للمستقبل الذي يشير بالامل، والام : رمز للوطن، والصياد : رمز للشعب اليائس الذي يصارع الحياة، والمهاجرين : رمز للمستعمرين الذين يغتصبوا ثروات العراق. 
الايقاع الداخلي والخارجي: اما من ناحية الايقاع (فالشاعر) كره ان يضيع جهوده في اقامة هياكل شعرية معقدة - الرصانة الشديدة منفردة للدهن العامل - ان الشاعر يجب ان اثبت فرديته - التي تتميز عن شخصية الشاعر القديم - ان يستقل ويبدع بنفسه شيئا يستوحيه من حاجات العصر- يريد ان يتحرك ويندفع - يريد ان يحطم القيود. 
بحيث اعتمد في ايقاعه الخارجي على نظام التفعيلة كوحدة وزنية في القصيدة وعلى التنويع في القافية والروي فالقافية تارة مقيدة مردفة: )النسيم....السليل( وتارة اخرى مقيدة غير مردفة المطر...الحجر...السمر....والقافية مركبة احيانا.....ومتتابعة احيانا اخرى اما الروي فمتغير لكن هناك رويان متميزان هما(الراء والقاف) 
- اما اليقاع الداخلي : فيبرز من خلال : 
- التكرار الصوتي : ويعبر عن الحالة النفسية والمشاعر الداخلية ويعكس مستويات الانفعال وهي هنا تشكل مجموعات من حيث عدد تواجدها، المجموعة الاولى صوت النون والميم وهي الغالبة ثم المجموعة الثانية الفاء والعين والسين والهاء والمجموعة الثالثة الصاد والقاف والحاء والخاء والجيم والشين والغين. 
- تكرار الكلمات : ويكرس المعنى الدلالي الذي يرمز اليه الشاعر فنجد تكرار(الليل والشاطئ والموج). 
الوظيفة الدلالية التي يشكلها التوازي من خلال البيت الثاني عشر : 
- تحقق التوازي الصوتي مما يعكس تجاذب الشاعر بين مظهر الامل والحياة ومظهر القلق والموت. 
الاساليب: كما تنوعت الاساليب في القصيدة بين الخبرية والانشائية التي توحي بالصراع المرير والحزن فمن الاساليب الانشائية اكثر من النداء والاستفهام للتعبير عن الجو النفسي الذي يعيشه الشاعر. 
وبالنسبة للاساليب الخبرية نجد الشاعر وفق في استخدام الجمل الاسمية التي توحي بالسكون والهدوء ويعقبها بالجمل الفعلية التي تسبب الحركة وبدء الحياة وتجددها. 
تركيب: عموما واستنادا الى ما سبق يتضح على ان القصيدة خضعت في مجملها لتغيير شامل سواء من حيث القضية المطروحة(البعد الانساني الواقعي) او من خلال اعتمادها على عناصر مستحدتة كاللغة الايحائية والصور الفنية المبتدعة من خلال استيرادها للرموز والانزياح كما ان هذه القصيدة قد نظمت ضمن الايقاع الموسيقي خلف ما اعتدنا عليه في القصائد التقليدية اذ اعتمد الشاعر(..)على نظام التفعيلة وما والمها من تغييرفي القافية والروي. 
غير ان ذلك يجعلنا نؤمن بان هذه التجربة الشعرية حققت مختلف التجليات الحداثة في الشعر العربي ونحن نسجل اعجابنا بهذا العمل الادبي الا اننا نؤمن بان التجربة الكلاسيكية وعلى خلاف ما ذكره المجاطي تحتفظ بطابع الجمالية من خلال تقيدها بالاصول التقليدية.


منهجية سؤال الذات: 
* مقدمة: كان انهيار التجربة البعثية أول عامل ساهم في بروز تيار شعري جديد يسمى بالذاتية حيث لم تقف حركية الشعر العربي عند الحدود التي رسمها له رواد الكلاسيكية أمثال البارودي وشوقي بل تخطت تلك الحدود نحو تطوير الشعر وأساليب متفتحة على آفاق جديدة ومغايرة استجابة لعوامل تحديث المجتمع وعصرنيته تأثرا بالنموذج الغربي وقد تأثر ظهور هدا الشكل الجديد من الخطابات مع مطلع القرن 20 حيث كان الأديب ذواقا إلى التجديد حالما بمجتمع إنساني أكثر استعدادا للتواصل مع الخطاب الأدبي التي روجها الرومانسيون عن المحبة والطبيعة الإنسانية، فكانت الانطلاقة مع مدرسة الديوان وتبلورت مع الرابطة القلمية وجماعة ابولو. ويعد)شاعر( من ابرز الشعراء الذين مثلوا هذا النموذج الشعري حيث ترك العديد من الكتب والدواوين أشهرهم كتاب)عنوان( الذي اقتطفت منه هذه القصيدة. 
- سؤال: فهل استطاع (الشاعر) أن يجسد التجربة الوجدانية الرومانسية ؟ وهل تمكن من الإنعتاق من الجاهز الثقافي كمعطى متوارث ؟ 
* تأملات: 
- إن المتأمل في هذه القصيدة يدرك من الوهلة الأولى أن شكلها لا يختلف في شيء عن القصائد العربية القديمة فهي من الشعر العمودي الذي يقوم على نظام الشطرين المتناظرين (صدر – عجز) ويتقيد فيه صاحبه بنفس الوزن والقافية والروي. 
- تبدو القصيدة في مظهرها العام خرق صريح للشكل التقليدي الذي اعتدنا عليه لدى الإحيائيين فهو وان كان قد حافظ على وحدة الوزن إلا أن الخرق قد طال القافية والروي. 
- إن المتأمل في هذه القصيدة يدرك من الوهلة الأولى أن شكلها يختلف كليا عن الشكل التقليدي الذي اعتدنا عليه لدى الإحيائيين إذ عمل على خرق تام لوحدة الوزن والقافية والروي. 
- إن المتأمل في هذه القصيدة يدرك من الوهلة الأولى أن شكلها وان حافظ على وحدة الشطرين المتناظرين إلا أن التغيير والتجديد قد طال القافية والروي. 
- من خلال ملاحظة الشكل الهندسي للقصيدة نجد أن الشاعر قد خرق البناء التقليدي العمودي الذي ألفناه لدى البعثيين حيث عمل على التنويع في الوزن والقافية والروي وهذا التجديد لا يجسده (الشاعر) بمفرده بل هي صفة يتسم بها معظم شعراء المدرسة المهجرية. 
- إن النظرة العامة للشكل الهندسي للقصيدة يجعلنا نؤمن بحجم الخرق الذي طال الشكل التقليدي حيث لم يعمل(الشاعر) على الحفاظ لا على وحدة الوزن ولا القافية ولا وحدة الروي. 
- تبدو القصيدة في شكلها الهندسي تحافظ على الميراث الشعري سواء من حيث الوزن ووحدة القافية والروي. 
* عنوان: ولملاحظة النص نقف عند عنوان القصيدة(...) الذي هو(جملة اسمية- مركب اسمي- جملة فعلية) فالكلمة الأولى تشير إلى حالة فرح وطرب داخلي مما يشير إلى تضمن القصيدة لحالة وجدانية أما الكلمةالثانية فتشير إلى عالم من عوالم الطبيعة الصامتة الهادئة والتي من شانها توفير لزائرها حالة السكينة والهدوء، مما قد يعني أننا أمام عتبات تجربة شعرية رومانسية. 
* مضامين: وللتأكد من هذه الفرضية سنعمل على استخراج مضمون القصيدة : 
- حيث يستهل الشاعر بالإفصاح عن حالته الوجدانية (الحزينة، الكئيبة).. 
1- كيف هي الحالة الوجدانية للشاعر  
2- ما أبرز التطورات التي شهدتها الحالة النفسية ؟ 
3- ماهي الأسباب الكاملة وراء تلك الحالة ؟ 
4- ما دور الطبيعة في ملامسة وجدان الشاعر ؟ 
5- كيف انتهت حالته الوجدانية ؟ 
* خلاصة المضمون: عموما فإن )شاعر( قد صور أغوار وجدانه الذاتي معلنا عن حالة من (الشوق يطغى عليه معطى تأملي في العوامل الطبيعية فيوقد بها مشاعره المتوقدة والمتضرمة). 
* اللغة + الحقول: عند قراءتنا للنص يلفث انتباهنا دلك الاستعمال المعجمي السلس الذي مال فيه)شاعر( إلى اعتماد لغة سهلة بسيطة تتماشى وسائر البشر، وقد حضرت بقوة مكونات الحقل الدلالي الطبيعي:)كلمات الطبيعة( في ارتباط مع عناصر حقل الذات:)كلمات الذات( مما يدل على البعد الرومانسي من جهة والبعد التأملي الفلسفي من جهة أخرى. 
- خلاصة الحقول: من خلال ما سبق يتضح غنى النص بمفردات الوجدان الحزين الذي تحتضنه الطبيعة وغير المبالية بحزن شاعرنا فهي حزينة لحزنه ومتقلبة لتقلب وجدانه وهي بذلك تناقض الحالة الوجدانية للشعر. غير أنها وعلى الرغم من ذلك فكلا الحقلين يدخلان في علاقة تكامل وتجانس لأن الشاعر قد استخدم لحظة السعادة التي تغوص فيها الطبيعة لتبيان مدى حزنه وشوقه ووحدته. 
* الصورة: ولرغبة الشاعر في ضمان وصول رسالته الي المتلقي في أحسن الظروف نجده قد سخر مجموعة من الصور الشعرية تنوعة وتفرعت بين التشبيه و الاستعارة و المجاز. 
- فالتشبيه : كقوله في البيت (1 -...)(شرح التشبيه). 
- أما الاستعارة: فجاءت في البيت (2-...) حيت استعار(..). 
- والنص يزخر بمجموعة من الصور المجازية مثل(...). 
*خلاصة الصورة: وهكذا نجد أن هده الصور قد أظفت على القصيدة صبغة جمالية من جهة ومن جهة أخرى ضمنت ايصال أحاسيس الشاعر في حالة من الابداع و الروعة. 
* ايقاع خارجي: ولعل شاعرنا لم يقف عند هذا الحد بل نجد أن صيدته قد خظعت لما يسمى بالتصريع (..م * ..م). 
أما القافية فجاءت )مطلقة*مقيدة( وكمثال نأخذ آخر كلمة من الشطر الأول (زهير) فقافيتها هي (هير). 
والقصيدة جاءت موحدة الروي(..) أو متعددة الروي(..). 
(في حالة تغيير الأشطر): وبذلك يكون (الشاعر) قد خالف وغاير في الشكل التقليدي للنموذج المثال دون القطيعة معه، مما يعتبر نزوعا نحو التجديد والتطوير من الداخل. مما يعتبر نزوعا نحو التجديد والتطوير 
* أما على مستوى الايقاع الداخلي: فقد زاوج الشاعر بين التكرار والتوازي وهدا يضفي على القصيدة لونا من ألوان الأدب الجميلة على مستوى الصورة الفنية، فبالنسبة للتوازي فقد تجلى في البيت(..) عبر التوازي (الصوتي، التركيبي، الدلالي) الذي كانت وظيفته الدلالية هي أن يعكس لنا حالة الشاعر(المتحسرة). 
أما بالنسبة للتكرار فقد تجلى على مستوى الكلمة: تكرار التطابق.. وتكرار الترادف.. تكرار الأصوات.. تكرار على مستوى: النهاية، البداية، الصدارة، الحر. 
* أساليب: على غرار كل ما تطرقنا له إلا أن تفكيك النص لم يكتمل بعد حيث تبقى الأساليب آخر ما سندرسه في تحليلنا. 
توزعت أساليب النص بين ما هو إنشائي وما هو خبري بحيث اعتمد عليها الشاعر من اجل أن يوصل للمتلقي الأغراض الشعرية: 

- فبخصوص الأساليب الإنشائية فتجسدت في :... 
- النداء :... وغايتها. 
- الأمر :... 
- الاستفهام:... 
- والأمر :.. 
* خلاصة الأساليب: و يلاحظ أن الأسلوب المهيمن هو الأسلوب الخبري نظرا للرغبة الملحة للشاعر في اخبار المتلقي عن كل مكبوتاته وأحاسيسه التى طالما عبر عنها في كل محتويات القصيدة. 
تركيب: عموما نخلص إلى كون قصيدة (الشاعر) هي قصيدة نمودجية لتجربة الشعر الرومانسي على إعتبار أن الشاعر قد أفلح في تبني مختلف آليات الشعر الوجداني وذلك من خلال إعتماذه على الأبعاد التأملية لذات الشاعر من قيم الوجدانية ورؤى فلسفية وكذلك من خلال إعتماده في التعبير على لغة بسيطة سلسة وكذا طابع الإيقاع الموسيقي الذي تميز بالغنى والتنوع. 
ومن ثم فهذه التجربة الرومانسية نموذج فريد للتجربة الشعرية الذاتية. 
ذلك لا يمنع من أن نحدوا حدو المجاطي في إعتبار هذه التجربة الشعرية ظلت عاجزة وغافلة عن الوجدان الجماعي بدل الوجدان الفردي.


منهجية البعث و الإحياء

* مقدمة: لقد انطلق شعراء البعث والإحياء من الأسس الفنية والموضوعية للقصيدة العربية القديمة، باعتبارها قواعد الشعر العربي الأصيل معتمدين على المعارضة الأدبية القائمة على الإتباع والاقتداء من اجل تجاوز ما وصلت إليه الكتابة الشعرية خلال فترة الجمود من ضحالة في المعاني وولع بالإغراق في الصنعة، مستفيدين من النماذج التي اختزنت مظاهر القوة الإبداعية وحافظت على ما يسمى بالقصيدة العمودية ومن ابرز الشعراء الذين كانوا على قمة هدا النوع الشعري محمود سامي البارودي-حافظ إبراهيم-احمد شوقي. ويعد (شاعر) من ابرز رواد هذا الخطاب، ومن ابرز دواوينه ديوان (ديوان) والذي اقتطفت منه هذه القصيدة. 
إلى أي حد إذن تمكن (شاعر) في قصيدته (قصيدة) أن يجسد ملامح التجربة الشعرية الكلاسيكية ؟ وهل استطاع أن يمثل القصيدة الشعرية الكلاسيكية سواء من حيث استحضار القيم الشعرية أو من خلال الاعتماد على العمود الشعري التقليدي؟ 
* تأمل: إن المتأمل في هذه القصيدة يدرك من الوهلة الأولى أن شكلها لا يختلف في شيء عن القصائد العربية القديمة فهي من الشعر العمودي الذي يقوم على نظام الشطرين المتناظرين (صدر-عجز)، ويتقيد فيه صاحبه بنفس الوزن والقافية والروي. 
ولملاحظة النص نقف عند عنوان القصيدة (عنوان قصيدة) الذي هو(جملة اسمية، مركب اسمي، جملة فعلية) مركبة من كلمتين، الأولى تشير إلى... والثانية تشير إلى... مما قد يعني أننا أمام عتبات تجربة شعرية كلاسيكية. 
* مضامين: وللتأكد من هذه الفرضية سنعمل على استخراج مضامين القصيدة: 
- الوحدة الأولى من (1الى..) حيث يستهل الشاعر... 
- الوحدة الثانية من (..إلى..) 
- الوحدة الثالثة من (..إلى..) 
خلاصة المضامين: نستنتج مما سبق تعدد مضامين القصيدة بتنوع الوحدات الدالة عليها والمواقف المعبرة عنها وتلك سمة أساسية من سمات القصيدة الكلاسيكية المقيدة بحبال السابقين، والخاضعة لنظامهم وطريقتهم في النظم. 
* حقول: هذه الوحدات تحيلنا على انشطار القصيدة إلى (3) حقول دلالية: 
الأغراض: هجاء، رثاء، وصف، مدح، غزل، فخر. 
- حقل الرثاء :.. 
- حقل تعداد المناقب:... 
خلاصة الحقول: عند مقارنتنا للحقلين نجد أن حقل (تعداد المناقب) يهيمن وبشكل واضح على حقل (الرثاء) وهذا يبين لنا شدة تأثر الشاعر (بموت صديقه). كما أن هذه الإغراض تضمنت قيم شعرية موروثة فمن خلال ملاحظتنا لكلا الحقلين نستنتج أن الشاعر قد مال فيهم أو في القصيدة ككل إلى اعتماد لغة تراثية كثيرا ما ألفناها عند الجاهليين والعباسيين على مستوى الاستعمال المعجمي. غير انه على الرغم من مظهر التقليد الواضح إلا أن هناك نفحة من التجديد والتي تظهر في إقحام الشاعر لتجربته النفسية الحزينة لفقدانه. وهو بذلك يحقق أهداف التجربة الإحيائية. 
* الصورة: لم تقف مسيرة تحليلنا عند هده المرحلة بل تخطتها لتبين لنا جمالية القصيدة على المستوى التصويري حيث يسلك شاعرنا (شاعر) نفس المسلك الذي مر منه الشعراء القدامى وذلك من خلال ميله إلى تشكيل صورة من أدوات ووسائل بلاغية تقليدية من قبيل التشبيه، المجاز، الاستعارة، الكناية: ومن هذه الصور الفنية نذكر: 
التشبيه : من خلال قوله (...) فجاء هذا التشبيه ليبين لنا (...). 
والمجاز : حين اسند الأفعال لغير فاعليها كما في قوله (...) وفي قوله (...). 
والكناية : وذلك من خلال قوله (...). 
أما الطباق: فتجلى في (...). 
خلاصة الصورة + إيقاع داخلي ولخارجي: مع ختامنا للصورة الفنية نفتح فقرتنا الموالية بدراسة خارجية وداخلية للإيقاع الذي يعد من ابرز سمات القصيدة الشعرية العربية القديمة فعلى مستوى الإيقاع الخارجي نجد أن (شاعر) ملتزما في قصيدته هذه بنظام الشطرين المتناظرين ووحدة الوزن والقافية والروي. 
فبخصوص الوزن فقد اعتمد الشاعر على بحر (بحر) حيث ساعدته تفعيلات هذا البحر على ترجمة (أحاسيسه وآلامه). 
أما القافية فجاءت )مطلقة.مقيدة( وكمثال نأخذ آخر كلمة من الشطر الأول (زهير) فقافيتها هي (هير). 
وبخصوص الروي فتجسد في (حرف راء). 
أما على مستوى الإيقاع الداخلي فقد زاوج الشاعر بين التكرار والتوازي وهدا يضفي على القصيدة لونا من ألوان الأدب الجميلة على مستوى الصورة الفنية، فبالنسبة للتوازي فقد تجلى في البيت (...) عبر التوازي (الصوتي، التركيبي، الدلالي) الذي كانت وظيفته الدلالية هي أن يعكس لنا حالة الشاعر(المتحسرة). 
أما بالنسبة للتكرار فقد تجلى على مستوى الكلمة: تكرار التطابق... وتكرار الترادف... تكرار الأصوات... تكرار على مستوى: النهاية، البداية، الصدارة، الحر. 
خلاصة التكرار والتوازي: من خلال هذه الإطارات الصوتية نجد أن التكرار مساهما في إثراء القصيدة من جانبها الموسيقي والإيقاعي حيث منحها وظيفة دلالية ومارس عليها وظيفة تنبيهية وتأثيرية واقناعية مما حقق لها تماسكا واتساقا وانتظاما. 
* أساليب: على غرار كل ما تطرقنا له إلا أن تفكيك النص لم يكتمل بعد حيث تبقى الأساليب آخر ما سندرسه في تحليلنا. 
توزعت أساليب النص بين ما هو إنشائي وما هو خبري بحيث اعتمد عليها الشاعر من اجل أن يوصل للمتلقي الأغراض الشعرية: 
- فبخصوص الأساليب الإنشائية فتجسدت في :... 
- النداء :... وغايتها. 
- الأمر :... 
- الاستفهام:... 
- والأمر :... 
- أما بخصوص الأساليب الخبرية فهي تهيمن وبشكل كلي على القصيدة حيث يتخذها الشاعر كوسيلة لإظهار (حزنه، وأساه). 
* تركيب 1: 
عموما نجد على أن (شاعر) قد حاك النموذج الشعري التقليدي حيث لامس معاني شعراءه واستلهم لغتهم التقليدية وصور أفكاره بصور تهدف إلى التاتيت والتزيين كما حافظ على البناء التقليدي والأساليب الفنية التي لطالما نسج بها فحول الشعر أبياتهم. 
وبدلك فنحن أمام لوحة فنية ألوانها مستمدة من الإرث القديم وليس في دلك ما يعيب هده التجربة الشعرية ولا يمكن أمام التطور الحاصل في حركية الشعرية أن نقصي كما فعل المجاطي في هده التجربة فبالقطع كانت مهد التطور ومنطلقه و لا يمكن الإلمام بحركية الشعر إلا في ظلها. 
* تركيب 2: 
نجمل في مرحلة التركيب هده كل ما سبق الإشارة إليه في كون الشاعر قد استطاع تمثيل مدرسة البعث والإحياء خير تمثيل حيث ساهم إلى جانب البارودي والروصافي وغيرهم في إعادة بعث القصيدة الشعرية القديمة بعد أن كانت مطوقة بالغثاتة والانحطاط واعتقد أن ما قام به هؤلاء الشعراء لبنة أساسية وضرورية ومحطة فتحت الباب أمام الرومانسيين وشعراء الشعر الحديث لتطوير الشعر والوصول به إلى درجة أرقى .

ليست هناك تعليقات

جميع الحقوق محفوظة لــ احسن منصة للدروس وتعلم اللغات 2015 ©