♦ مادة الفلسفة 3: « العنف » الثانية باكالوريا - BAC2
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله
من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له
ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً
عبده ورسوله صل الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم
بإحسان إلى يوم الديـــن وسلم تسليما كثيرا.
أقدم لكم إخواني كما وعدتكم دروس السنة الثانية من سلك الباكالوريا وهي حصرية من طرفي قمت بطباعتها على الحاسوب من دروسي التي درستها بالباكالوريا وهي من دروس أساتذتي ،، بالتوفيق إن شاء الله.
----------------
أشكال العنف :
- الحديث عن العنف بجرنا إلى التساؤل عن طبيعته في الإنسان و عن أشكاله في التاريخ الإنساني فاذا كان العنف هو شكل من الاستعمال السيئ للقوة وذلك بدوافع عدوانية تدميرية تسعى إلى إخضاع الآخرين.
فما هي أشكال العنف؟ وهل العنف يرتبط بالطبيعة الإنسانية ؟ أم انه مجرد معطى مكتسب يرتبط بحيثيات وملابسات الظروف التي يحياها الإنسان.
فما هي أشكال العنف؟ وهل العنف يرتبط بالطبيعة الإنسانية ؟ أم انه مجرد معطى مكتسب يرتبط بحيثيات وملابسات الظروف التي يحياها الإنسان.
=> ينطلق الفيلسوف الألماني"اريك فروم " في تصوره لمفهوم العنف من خلال النظر إلى العنف كنزعة قومية تدميرية كامنة في الإنسان وتشتغل من خلال تفاعلها مع معطيات و ملابسات خارجية . فالعنف إذن يرتبط بالطبيعة الإنسانية من حيث هو رغبة في تدمير الآخر وتعطش للدماء وشغف بالتحطيم فالإنسان إذن من خلال طبيعته هو كائن عدواني.لقد ارتبط العنف بالإنسان منذ القدم فعبر عنه بأشكال ترتبط بممارسات وشعائر طقوسية تأخذ منحى دينيا تارة ومنحى سياسيا أو حربيا تارة أخرى هكذا إذن يرتبط العنف بالطبيعة الإنسانية باعتباره نزعة تدميرية.
=> يؤسس" فرويد" تصوره حول إشكالية العنف انطلاقا من مرجعية التحليل النفسي بحيث يعتبر أن العنف سلوك طبيعي في الإنسان يعبر عن نزوعه العدواني الذي يأخذ شكلا فرضيا حينما يرتبط بغرائز الفرد العدوانية و هي غرائز ترتبط بالتهديد و الانهيار و التدمير كما أن العنف يأخذ شكلا جماعيا حينما يرتبط بالنزوع العدواني للجماعات أو الطوائف أو الشعوب التي تضطهد الآخرين بغزواتها و حروبها رغبة منها في السيطرة و الإخضاع. إذن حسب فرويد فالعنف نزوع عدواني عند الإنسان يعبر عن رغباته وغرائزه المتمثلة في حب التملك و السيطرة و تدمير الآخر.
=> ينظم عالم الاجتماع الفرنسي" بودريار" الى الاشكال المتعلق باشكال العنف فيرى ان العنف متجدر في الطبيعة الإنسانية ، فهو قد يأخذ اشكال الحروب كالحرب العالمية الاولى او الثانية او الحرب الباردة غير انه يأخذ كذلك شكل الارهاب الذي هو تعبير عن نزوع لا اخلاقي وشرير يهدف الى تدمير الاخر غير ان هذا الشر قد يواجه بشر اعنف منه وذلك ضمن ثنائية انسانية ابدية هي ثنائية الخير والشر.وهكذا اذن يأخذ العنف منحى طبيعي لانه يرتبط بالطبيعة الانسانية.
- نستشف مما سبق ان العنف في التاريخ يتخذ اشكالا متعددة وهي اشكال تعبر عن الطبيعة العدوانية للانسان ، فالعنف هو نزع تدميرية تعبر عن رغبة الانسان في السيطرة والسيادة والتهديد والتدمير انه كما يقور "فرويد" نزوع طبيعي عدواني في الانسان، هذا النزوع الذي قد يأخذ مظهرا فرديا او جماعيا حينما تحاول جماعة انسانية ابادة جماعة اخرى .
العنف في التاريخ :
- اذا كان العنف هو ذالك النزوع العدواني الطبيعي في الانسان والذي تقوده رغبة في تدمير الآخر ، فانه قد اخذ أشكالا متعددة في التاريخ . فكيف ارتبط العنف بالتاريخ الانساني ؟
=> يؤسس الفيلسوف الانجليزي " توماس هوبز" تصوره حول اشكالية العنف في التاريخ انطلاقا من الوقوف عند طبيعة النفس الانسانية التي يعتبرها طبيعة شريرة مسكونة بالعنف والعدوان والأنانية
لقد كانت الحالة الطبيعية للإنسان حالة مطبوعة بالصراع والنزاع والفوضى انها حالة تجسد " حرب الجميع ضد الجميع " .
غير ان هذه الحالة لم تختفي تماما حينما انتقل الإنسان إلى الحالة المدنية السياسية التي اتسمت بظهور الدولة فبالرغم من وجود الدولة ظل الانسان يعيش حالة من العنف تتجلى بالاساس في نزوعه الدائم الى النزاع والصراع والحرب .نفهم من هذا ان العنف يسكن في التارخ البشري منذ الحالات البدائية الاولى للانسان الى الحالات الاكثر تحضرا.
لقد كانت الحالة الطبيعية للإنسان حالة مطبوعة بالصراع والنزاع والفوضى انها حالة تجسد " حرب الجميع ضد الجميع " .
غير ان هذه الحالة لم تختفي تماما حينما انتقل الإنسان إلى الحالة المدنية السياسية التي اتسمت بظهور الدولة فبالرغم من وجود الدولة ظل الانسان يعيش حالة من العنف تتجلى بالاساس في نزوعه الدائم الى النزاع والصراع والحرب .نفهم من هذا ان العنف يسكن في التارخ البشري منذ الحالات البدائية الاولى للانسان الى الحالات الاكثر تحضرا.
=> ينخرط الفرنسي "بيير فارنييه "ضمن هذا السجال المرتبط باشكالية العنف في التاريخ اذ يرى ان العنف متجدر في التاريخ فهو يتم عادة من اجل السيطرة والنفوذ وتدمير الاخر ومادام العنف يشكل حاجة انسانية فان الإنسان قد يسعى إلى تقنينه باسم الاخلاق وهكذا فكل الحروب التي عرفها التارخ الانساني تمت باسم الاخلاق ، بالرغم من ان الحرب في حد ذاتها هي فعل بشع لا اخلاقي .
هكذا اذن يأخذ العنف مستوى من الشرعية والمصداقية حينما يتم باسم الاخلاق ودفاعا عنها اذن كل حرب هي ملزمة برفع شعار الاخلاق من اجل تبرير اهدافها ودوافعها.
هكذا اذن يأخذ العنف مستوى من الشرعية والمصداقية حينما يتم باسم الاخلاق ودفاعا عنها اذن كل حرب هي ملزمة برفع شعار الاخلاق من اجل تبرير اهدافها ودوافعها.
=> ينظم عالم الاجتماع البريطاني " انطوني جيدنز" الى هذا السجال حول طبيعة واشكال العنف في التاريخ ، فاذا كان" توماس هوبز" قد ربط العنف في التاريخ بالطبيعة الانسانية الشريرة التي تنزع دوما الى الصراع والحرب وكذا" بيير فارنييه " قد ربط العنف بالاخلاق فهو يمارس دائما باسم شعارات اخلاقية فان "جيدنز" يعتبر ان العنف مورس في التارخ باسم الشرف .وهكذا فمعظم النزاعات والصراعات بل والحروب تمت باسم الشرف وهذا ما جعل من المرأة في المجتمعات الابوية تشكل مصدرا للعار و هذا ما جعل منها موضوعا للعنف و مصدرا له في نفس الوقت.
- استنادا إلى ما تقدم يمكننا ان نخلص الى القول بان العنف قد ارتبط بالتاريخ الانساني لانه يرتبط بالطبيعة الانسانية. وهكذا فقد تجسد العنف في التاريخ واخذ اشكالا تاخذ شكل النزاعات والصراعات والحروب يتم تقنيتها اجتماعيا اما باسم الاخلاق او باسم الشرف.
العنف والمشروعية :
- اذا كان العنف مرتبطا بالطبيعة الانسانية ومتجسدا في التاريخ الانساني بحيث اخذ عدة اشكال داخل هذا التاريخ . نتسائل كيف يتم العنف في التاريخ وبالتالي من اين يستمد مشروعيته؟
=> تتحدد مصادر مشروعية السلطة حسب " ماكس فييبر " انطلاقا من ثلات مصادر يجملها في ما يلي : 1 السلطة التقليدية : وهي سلطة تستمد مشروعيتها من النمودج التقليدي الذي كان يشكل فيه الشيخ او الاب او الراشد سلطة يستمدها من السلطة المعنوية بحث تشكل سلوكاته وافعاله نمودجا يجب على القاصر احترامه والخضوع له . 2 السلطة الكارزمية : وهي سلطة تستمد مشروعيتها من تلك الصفة الكارزمية التي تميز الانبياء والمفكرين او القادة والساسة المتهمين.
3 السلطة التمثيلية : وهي سلطة تستمد مشروعيتها من الانتخابات التي تفرز نخبا و منتخبا بطريقة ديموقراطية ولعل هذا الشكل من السلطة هي مايجب ان يطبع الدولة الحديثة
اذن واعتبارا لهذا فمصادر السلطة حسب "ماكس فييبر" تتعدد ومن تم تتعدد مشروعيتها .
3 السلطة التمثيلية : وهي سلطة تستمد مشروعيتها من الانتخابات التي تفرز نخبا و منتخبا بطريقة ديموقراطية ولعل هذا الشكل من السلطة هي مايجب ان يطبع الدولة الحديثة
اذن واعتبارا لهذا فمصادر السلطة حسب "ماكس فييبر" تتعدد ومن تم تتعدد مشروعيتها .
> يأخذ العنف حسب " جوليان فرويد" عدة اشكال فهو يراوح مكانه بين العنف والمشروعية وهذا ما يفهم من خلال الدولة التي تسعى الى الهيمنة والسلطة باستعمال ما يسميه "ماكس فييبر " العنف المشروع . تستعمل الدولة من اجل شرعنة العنف جملة من الوسائل المتمثلة في الاسرة والتربية والاقتصاد وكل ذلك يتم باسم الديموقراطية و القانون . فمن احداث التوازن في المجتمع تسعى الدولة الى عقلنة وشرعنة العنف وذلك باسم الديموقراطية والقانون .
يبني السوسيولوجي الامريكي "رالف لنتون " تصوره حول العنف من خلال اشكالية العنف والمشروعية داخل المجتمع اذ يرى ان اساس العنف في المجتمع يرتبط بالمنازعات الاجتماعية التي يمكن ان تتخذ شكلا فرديا او شكلا جماعيا.الا ان العنف كمظهر من مظاهر العدوان في الانسان نجد المجتمع يرفضه بل يعمل نبذه عبر السخرية من ممارسه ومرتكبه .غير ان العنف الذي ياخذ شكل عراك او شجار عفوي يرفضه المجتمع .تتحول اداة العنف الى عنف مقبول اجتماعيا وذلك حينما يتحول الى عنف مقنن بجملة من القواعد تجعل منه عنفا مشروعا وهذا ما يتمثل في اشكال العنف التي يتبناها المجتمع كفرجة تخضع للتشجيع والتحفيز والتحميس...هكذا اذن يراوح العنف مكانه داخل المجتمع بين الرفض والقبول ، بين العشوائية والتقنين .
- تأسيسا على ما سبق يمكننا ان نستشف بان العنف يتجدر في الطبيعة الانسانية ومن تم فهو مرتبط بالتاريخ الانساني غير ان العنف قد وجد في المجتمع اشكالا من القبول واخرى من الرفض الا ان ابرز شكل لممارسة العنف هو ذلك الذي تمارسه وتحتكره لنفسها باسم القانون والحفاظ على وحدة المجتمع وتماسكه .
ليست هناك تعليقات