مفهوم
الحوار و ضوابطه :
1- مفهوم
الحوار: هو الحديث الهادئ
بين طرفين يتداولان الكلام بينهما في أجواء بعيدة عن الخصومة و التعصب.
2- مفهوم
الجدال: هو الكلام بين طرفين
يغلب عليه أسلوب المنازعة و المعارضة و التعصب للرأي.
3- ضوابط
الحوار: لقد شرع القرآن
الكريم جملة من الضوابط تحقق غايات تواصلية، توصل المتحاورين إلى الحق و منها:
أ-
تقبل الآخر: (المخالف) و ذلك
بقبول الاختلاف و الاعتراف بالآخر و احترام حقه في التعبير عن قناعاته، لقوله
تعالى:"و إن
أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم
لا يعلمون". سورة التوبة
الآية 6
ب- حسن
القول: أي تجنب الألفاظ
المؤذية و الجارحة التي تفضي إلى عوائق التواصل النفسية و السلوكية مثل السخرية و
الاستهزاء و اللامبالاة لقوله تعالى:"و قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن
الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا".الإسراء
53
ج-
العلم و صحة الأدلة: أي وجوب اعتماد
الحجة و الأدلة الواضحة للدفاع عن الرأي أو تفنيد الرأي المخالف لقوله
تعالى:"قل هل
عندكم من علم فتخرجوه لنا، إن تتبعون إلا الظن و إن أنتم إلا تخرصون". سورة الأنعام 148
د-
الإنصاف و الموضوعية: و هو الإقرار بصحة
رأي المحاور و الإذعان للحق و الالتزام به إن تبين صدق الحجج.
* من
أساليب الحوار في القرآن:
وضع القرآن الكريم
نماذج و أساليب راقية للحوار و التواصل نذكر منها :
1-)
الأسلوب الوصفي التصويري: و هو أسلوب يعرض به
القرآن مشاهد حوارية واقعية بشكل حي يأخذ بلب المستمع مثل حوار الله تعالى
للملائكة و حوار الأنبياء لأقوامهم، و من خصائصه:
- شد القارئ للنص
القرآني.
- عرض الموقف بشكل حي
يتجسد فيه الحوار و يؤثر في القارئ.
- إدماج القارئ أو
المستمع في الجو العام للمشهد الحواري.
- تقريب القارئ أو
المستمع من الحوار الجاري في أحداث القصة.
- حمل القارئ أو
المستمع على اتخاذ موقف سليم و صحيح.
و من أمثلة ذلك قوله
تعالى في سورة الشعراء:"قال
فرعون و ما رب العالمين، قال رب السموات و الأرض و ما بينهما إن كنتم موقنين، قال
لمن حوله ألا تستمعون، قال ربكم و رب آبائكم الأولين، قال إن رسولكم الذي أرسل
إليكم لمجنون، قال رب المشرق و المغرب و ما بينهما إن كنتم تعقلون" سورة الشعراء الآيات 23-28
2-)
الأسلوب الحجاجي البرهاني:
و هو أسلوب يعتمد العقل لإظهار الحجة للمنكرين لوحدانية الله تعالى أو البعث و دحض
ادعاءاتهم الباطلة و إظهار مكامن فساد معتقداتهم و انحراف أفكارهم مثل قوله تعالى
في البرهنة على وحدانيته:"
قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا و لا يضركم، أف لكم و لما تعبدون من دون
الله أفلا تعقلون" سورة الأنبياء
الآيتان : 66-67
و من البرهنة على
البعث قوله تعالى:" أمن
يهديكم في ظلمات البر و البحر و من يرسل الرياح نشرا بين يدي رحمته، أ إله مع
الله، تعالى الله عما يصفون يشركون، أمي يبدئ الخلق ثم يعيده و من يرزقكم من
السماء و الأرض، أ إله مع الله، قل هاتوا برهانكم إن كنتم صداقين ". سورة النمل الآيتان : 63-64
و تكمن قيمة هذا
الأسلوب في تحرير العقول من قيد الهوى و التقليد و توجيهها إلى التفكر و التدبر في
الآيات الكونية.
* من
أساليب الحوار في السنة النبوية:
تزخر السنة النبوية بنماذج
راقية في التواصل، تجسدت في مواقف الرسول صلى الله عليه و سلم الحوارية التي
امتازت بحسن الخلق و كذا طبيعة مهمته التي اختاره الله تعالى للقيام بها و هي
هداية الناس و تبليغ و تبسيط الدعوة إليهم
مراعيا في ذلك اختلاف أعمارهم و أفهامهم و تنوع أغراضهم مستعملا الحجج و الراهين
القاطعة لإثبات الحق و من هذه الأساليب ما يلي:
1-) أسلوب
الحوار الوصفي التصوري: و هو أسلوب اعتمده
الرسول صلى الله عليه و سلم لتثبيت المفاهيم في أذهان المستمعين و تقريب المعاني إلى أفهامهم بالقصة و ضرب
الأمثلة.
و مثاله قوله صلى
الله عليه وسلم:"
أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمسا ما تقول ذلك يبقى من
درنه(وسخه)؟ قالوا لا يبقى من درنه شيئا، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله
به الخطايا."
2-)
أسلوب الحوار الاستدلالي الاستقرائي: و هو أسلوب يستجوب فيه الرسول الآخر متدرجا معه
انطلاقا من مسلمات ليبني معه حقيقة كلية ترفع الغموض و توضح له الفهم.
و مثاله: عن أبي
هريرة قال: جاء
رجل من بني فزارة إلى النبي فقال: إم امرأتي ولدت غلاما أسود،فقال النبي هل لك من
إبل؟ قال: نعم، قال: فما ألوانها؟ قال: حمر، قال: هل فيها من أورق؟ قال: إن فيها لورقا،
قال: فأنى أتاها ذلك؟ قال: عسى أن يكون نزعه عرق، قال: و هذا عسى أن يكون نزعه عرق" البخاري.
3-)
أسلوب الحوار التشخيصي الاستنتاجي: و هو أسلوب يعرض الرسول مشكلة و يحفز الآخر
للتفكير و يثير الانتباه و يترك له فرصة لاستنتاج الحل بنفسه.
و مثاله ما جاء عن
عبد الله بن عمر أن رسول الله قال:"إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، و هي مثل المسلم.
حدثوني ما هي؟ فوقع الناس في شجر البادية، و وقع في نفسي أنها النخلة، قال عبد
الله: فاستحييت فقالوا يا رسول الله أخبرنا بها، فقال رسول الله هي النخلة، قال
عبد الله : فحدثت أبي بما وقع في نفسي، فقال: لأن تكون قلتها أحب إلي من أن يكون
لي كذا و كذا." البخاري.
* كيف
نستفيد من القرآن و السنة في تطوير مهارات الحوار ؟
1- بتدبر الحوارات
القرآنية و تحليلها و دراستها و تدارسها.
2- بتأمل حوارات
الرسول و دراسة أساليبه و طرائق حواراته و تواصله.
3- بدراسة مصادر و
مراجع مفصلة لقواعد الحوار و آدابه في القرآن و السنة.
4- باستخراج قواعد
كبرى للحوار و ألتزم العمل بها.
ليست هناك تعليقات