عنوان الدرس : تحليل نص جورج غوسدورف: استقلالية الشخص

 تحليل نص جورج غوسدورف: استقلالية الشخص 

عنوان الدرس : تحليل نص جورج غوسدورف: استقلالية الشخص

المادة : تحليل النصوص – الفلسفة

الشعب: جميع الشعب (علوم تجريبة وعلوم رياضية وعلوم اقتصادية وعلوم والتكنولوجيات الكهربائية…الخ)

المسالك: جميع المسالك (علوم فيزيائية وعلوم حياة والارض واداب وعلوم انسانية والعلوم والتكنولوجيات الميكانيكية ..الخ)

مجزوءة الوضع البشري

المحور الثاني: الشخص بوصفه قيمة

تحليل نص جورج غوسدورف: استقلالية الشخص

------------------------

استقلالية الشخصإن فكرة استقلال الذات المفكرة والشخص الأخلاقي، كما تمت صياغتهما من طرف الفلاسفة، لم تتحقق في الفكر الإنساني إلا في وقت متأخر. فهي بمثابة نقطة وصول لمسار طويل في التعلم، وتحقيقا للنموذج الذي ربما ينبغي على الإنسان أن يتوجه إليه بجهده. لكن، لا ينبغي أن ننسى أن تجربة الاستقلال والعزلة لا تشكلان الواقعة الأولى في الوجود، كما عاشها الناس فعليا. فالإدعاءات الإيديولوجية حول الإنسان، لا يمكن بأية حال، أن تنكر أشكال التضامن البسيطة والأساسية التي سمحت لتلك التنظيمات بالبقاء، وللفكر أن يتشكل على أرض بشر أحياء. لهذا فإن أخلاقا ملموسة هي التي ينبغي أن تحدد الجهد المبذول لأجل الكمال الشخصي، ليس فقط في مجال الوجود الفردي، ولكن أيضا، وأولا، في مجال التعايش وداخل المجموعة البشرية. وفي الحقيقة لا يتعلق الأمر هنا بنظامين مختلفين، فالعلم واحد، وكل نشاط بشري يندرج داخل هذا العالم الذي تساهم قيمه في النمو والارتقاء. يعتقد “الفرد” أنه إمبراطور داخل إمبراطورية، فيضع نفسه في مقابل العالم وفي تعارض مع الآخرين، بحيث يتصور نفسه كبداية مطلقة. وعلى العكس من ذلك يدرك الشخص الأخلاقي أنه لا يوجد إلا بالمشاركة. فيقبل الوجود النسبي، ويتخلى نهائيا عن الاستكفاء الوهمي. إنه ينفتح بذاته على الكون، ويستقبل الغير. لقد فهم الشخص الأخلاقي، أن الغنى الحقيقي لا يوجد في التحيز والتملك المنغلق، كما لو كان بإزاء كنز خفي، ولكن يوجد بالأحرى في وجود يكتمل ويتلقى بقدر ما يعطي ويمنح.(جورج غوسدورف، مقالة في الوجود الأخلاقي، مكتبة أرموند كولان، باريس، 1949، ص: 202-201)

تأطير النص

النص مقتطف من كتاب “مقالة في الوجود الأخلاقي” (1949) لجورج غوسدورف، وفي هذا النص يسير غوسدورف على خلاف الفلسفات السابقة التي تناولت الشخص من منظور نظري وميتافيزيقي، فهو يؤكد في هذا الكتاب أن قيمة الشخص لا تتحدد في المجال الوجودي الفردي، ولكن في إطار أشكال التضامن بين الناس.

صاحب النص

جورج غوسدروف فيلسوف فرنسي ولد عام 1912 ومات سنة 2000، درس الفلسفة بجامعة ستراسبورغ، من مؤلفاته المعروفة “اكتشاف الذات”، “رسالة في الوجود الأخلاقي”، “مدخل إلى العلوم الإنسانية”، وجه غوسدورف نقدا إلى الفلاسفة العقلانيين الذين يفككون الشخص ويرسمون للإنسان صورة مجردة لا يمكن للناس العاديين أن يتعرفوا فيها على أنفسهم، داعيا إلى إحياء الأساطير لأنها تنطق بمادة الواقع الإنساني وتحتوي على القيم في حالتها البدائية، إن الإنسان في نظره لا يواجه مشكلات منطقة مجردة بل مواقف درامية لا بد له أن يتحمل فيها مسؤولية حريته الخاصة في مواجهة أخطار الوجود كافة، ولكي يتعرف الإنسان ذاته لابد من الاستعانة بشعار “كن من أنت”، وترك الشعار الاتباعي “اعرف نفسك بنفسك”.

الطرح الإشكـالي

أين تكمن قيمة الشخص، في هل وجوده الفردي في أم انخراطه داخل أشكال التضامن بين الناس؟

المفاهيم الأساسية

الاستكفاء: هو قدرة الفرد على العيش ماديا وأخلاقيا بمعزل عن الآخرين، بمعنى أنه يكون قادرا على تحقيق حاجياته في استقلالية عن الآخرين، وهو ما يختلف عن طابع الإنسان باعتباره كائنا مدنيا واجتماعيا بطبعه.

الغيـر: هو مقابل الأنا، وهو الآخر الذي تعيش الأنا في علاقات معه، وتكون علاقة الأنا بالغير مبنية على الصداقة أو على الغرابة …، وقد يكون الغير فردا أو جماعة أو ثقافة.

التضامن: ظاهرة اجتماعية تنعكس في كون الأفراد يترابطون فيما بينهم في شكل بنية تضامنية، وقد يكون تضامنا آليا كما في المجتمعات البدائية، وقد يكون تضامنا عضويا في المجتمعات التي تعرف كثافة سكانية كبيرة (كما يرى إميل دوركايم).

الأطروحة

يرى غوسدورف بأن معرفة الذات لا تتحقق بمجرد النظر إلى أنفسنا والتأمل فيها، إنها لا تتحقق إلا بواسطة العالم وفي العالم، وهنا نتكلم عن الإنسان كشخص يكتمل مع الآخر ويكتسب قيمته داخل الجماعة.

الأفكار الأساسية

عرفت البشرية عبر تاريخها أشكال تضامن بسيطة وأساسية سمحت لها بالبقاء.

إن الكمال الشخصي لا يكمن في مجال الوجود الفردي ولكن في مجال التعايش داخل المجموعة البشرية.

الشخص الأخلاقي هو الذي يدرك أنه لا يوجد إلا بالمشاركة مع الآخرين.

الشخص الأخلاقي هو الذي يقبل الوجود النسبي ويتخلى نهائيا عن الاستكفاء الوهمي.

البنية الحجـاجية

النفي: لا ينبغي أن ننسى، أن الغنى لا يوجد في التحيز…

أمثلة: التضامن، الاستكفاء، الاستقلال…

التقابل: يقبل… ويتخلى…

الاستنتاج

الكمال الشخصي لا يتحدد في مجال الوجود الفردي المستقل، بل يتحقق في مجال التعايش وداخل المجموعة البشرية وانفتاح الذات الفردية على الكون وتقبل الآخر.


قيمة النص وراهنيته

تكمن قيمة النص في التأكيد على ضرورة اندماج الفرد داخل الحياة الاجتماعية، وأن يكون فاعلا داخل هذه الجماعة، ومتعايشا مع الآخر في إطار التكامل الإنساني، وهذه القيمة مهمة في واقعنا الحاضر خاصة وأن حالة من العنف والفوضى تطبع كثيرا من العلاقات بين الأفراد والمجتمعات.

استغـلال معطيـات النص للإجابة على الإشكـال المطروح

على ضوء معطيات النص يمكن حل الأشكال بالتأكيد على أهمية التشبع بالنحن بدل الأنا، فنقبل الحياة الاجتماعية ونتخلى عن النزعات الفردانية.

#bacmaroc #bac #albacaloria  #bacmaroc #bac2023  #BAC2022 #etudiant #covid #falsafa #ta3lim

دروس مهمة تهمك 

تأطير إشكالي عام لمجزوءة الوضع البشري


عنوان الدرس : تحليل نص جان بول سارتر: الإنسان مشروع 🔥🔥🔥

 تحليل نص جان بول سارتر: الإنسان مشروع – تحليل النصوص – الفلسفة – الثانية باك

عنوان الدرس : تحليل نص جان بول سارتر: الإنسان مشروع

المادة : تحليل النصوص – الفلسفة

الشعب: جميع الشعب (علوم تجريبة وعلوم رياضية وعلوم اقتصادية وعلوم والتكنولوجيات الكهربائية…الخ)

المسالك: جميع المسالك (علوم فيزيائية وعلوم حياة والارض واداب وعلوم انسانية والعلوم والتكنولوجيات الميكانيكية ..الخ)

---------------------------

مجزوءة الوضع البشري

المحور الثالث: الشخص بين الضرورة والحرية

تحليل نص جان بول سارتر: الإنسان مشروع

-------------

الإنسان مشروع«يعرف الإنسان بمشروعه، هذا الكائن المادي يتجاوز دائما الوضعية التي يوجد فيها ويحدّدها بالتعالي عليها لكي يتموضع بواسطة الشغل والفعل أو الحركة، ولا يجب الخلط بين المشروع وبين الإرادة التي هي كيان مجرّد، وإن كان المشروع قد يتّخذ صورة إرادية في بعض الظروف، إنّ هذه العلاقة المباشرة مع الآخر المغاير للذات (…) وهذا الإنتاج الدائم للذات بواسطة الشغل والممارسة هو بنيتنا الخاصّة، وإذا لم يكن [المشروع] إرادة، فهو ليس حاجة أو هوى كذلك، إلاّ أن حاجتنا مثل أهوائنا، وأكثر أفكارنا تجريدا ترجع إلى هذه البنية، فهي دائما خارجة عن ذاتها نحو (…) ذاك ما نسمّيه الوجود، ولا نعني بذلك جوهرا ثابتا مرتكزا على ذاته، بل نعني به عدم استقرار دائم واقتلاعا لكامل الجسم خارج ذاته، وبما أنّ هذه الوثبة نحو التموضع تتّخذ أشكالا متنوّعة بحسب الأفراد، وبما أنّها تلقي بنا داخل مجال من الإمكانات نحقّق البعض منها دون البعض الآخر، فإنّنا نسمّيها كذلك اختيارا وحرّية، غير أنّه يرتكب خطأ عظيما إذا ما وقع اتّهامنا بإدخال اللامعقول أو أنّنا نختلق “بداية أولى” لا علاقة لها بالعالم أو أنّنا نمنح الإنسان حرّية  ـ صنمية، وفي الواقع لا يمكن أن يصدر هذا الاعتراض إلاّ عن فلسفة آلية، ومن يوجّه إلينا هذا الاعتراض إنّما يريد إرجاع الممارسة والخلق والاختراع إلى إعادة إنتاج المعطيات الأوّلية لحياتنا، إنّه يريد تفسير الأثر والفعل أو الموقف بعوامل إشراطها، وإنّ رغبته في التفسير تخفي إرادة جعل المركّب مماثلا للبسيط، ونفي خصوصيات البنيات وإرجاع التغيّر إلى الهويّة، وهو ما يمثّل من جديد سقوطا في الحتمية العلموية، وعلى العكس من ذلك يرفض المنهج الجدلي فكرة الاختزال، واعتماد طرح معاكس، قوم على التجاوز مع المحافظة، بحيث إنّ أطراف التناقض ـ الذي وقع تجاوزه ـ غير قادرة على بيان التجاوز ذاته ولا على التأليف اللاحق، إنّ هذا الأخير ـ على العكس من ذلك ـ هو الذي يضيء هذه الأطراف و يتيح فهمها».(جان بول سارتر، نقد العقل الجدلي غاليمار، 1960، ص: 95)

تأطير النص

النص مقتطف من كتاب “الوجود والعدم” للفيلسوف الوجودي جون بول سارتر، وفي هذا الكتاب يبلور سارتر تصورا جديدا للفلسفة من حيث هي تروم تحرير الإنسان مما هو متصور عقليا، من أجل وضعه وجها لوجه أمام وجوده الخاص بوصفه كائنا حرا يتوقف مصيره على قراره الشخصي، فليست الفلسفة شيئا دخيلا على الوجود البشري، بل إن فعل التفلسف لا يكاد ينفصل عن فعل الوجود.

صاحب النص

جون بول سارتر (1905 – 1980) هو فيلسوف وكاتب فرنسي، بدأ حياته العملية أستاذا، درس الفلسفة في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، وفي سنة 1944 أسس مجلة “الأزمة الحديثة”، وفي المجال الفلسفي تأثر بفلسفة هوسرل (الفينومينولوجيا)، ثم أسس نزعة فلسفية جديدة تحت اسم “الوجودية” حيث أكد أن مهمة الفلسفة هي الاهتمام بواقع الإنسان الوجودي أي بالمصير البشري، وفي هذا الإطار تبنى أطروحة مفادها أن الإنسان يسبق وجوده ماهيته، أي أن ما هو لا يتحدد إلا من خلال وجوده وحياته وأفعاله واختياراته…، ومن ثم فإن الإنسان هو الكائن الوحيد الحر على نحو أصلي ومطلق، ولكن الوجود المجتمعي يحد من حرية الإنسان، فالآخر جحيم للفرد من خلال ما يفرض عليه من قوانين وإكراهات، من أعماله الفلسفية:


الوجود والعدم.

الوجودية مذهب إنساني.

نقد العقل الجدلي.

الطرح الإشكـالي

هل الإنسان ما هو يريد هو أم كأنا كما يريد الآخر؟


المفاهيم الأساسية

التعـالي: هو خاصية الذات التي لا تنفصل عن حريتها ويرتبط بقصدية الوعي أي بقدرته على الإحالة إلى ما هو خارج الوعي.

المنهج الجدلي: هو عملية أو صيرورة بمثابة قانون تحكم الفكر والواقع عن طريق الصراع بين الأفراد، وعرف هذا المنهج بشكل كبير عند الفيلسوف الألماني هيجل ضمن ما يسمى بجدلية الفكر: أطروحة – نقيضها – تركيب.

المشروع: هو مفهوم اقتصادي في الأصل، ويوظف في المجال الإنساني عندما يتصور الإنسان كمشروع، قد يكون هو صاحبه وقد يكون المجتمع هو الذي يجعل من الإنسان مشروعا له، يصنع منه ما يريد وفق ما يسطره من أهداف وغايات.

الأطروحة

يرى سارتر أن ماهية الإنسان لا تتحدد قبل وجوده، بل يوجد أولا ثم بعد ذلك يصنع بنفسه ما يشاء، إنه مشروع يتميز بالتعالي على وضعيته لا بانغلاقه على كينونته، بل منفتحا على العالم وعلى الآخرين، فالإنسان يوجد أولا ويلاقي ذاته وهو غير حامل لأية صفات أو ماهية قبلية، بعد ذلك يشرع في تأسيس ذاته.

الأفكار الأساسية

الإنسان يتجاوز دائما الوضعية التي يوجد فيها ويجددها بالتعالي عليها لكي يتموضع بواسطة الشغل والطفل والحركة.

الإنتاج الدائم للذات يتم بواسطة الشغل والممارسة.

إن تموضع الذات يتم عن طريق الاختيار والحرية.

من الخطأ الكبير أن نمنح الإنسان حرية صنمية.

البنية الحجـاجية

اعتماد التقابل: ذات/ آخر، مركب/ بسيط.

الإحالة لأفكار سابقة: كاستحضار هيجل وماركس.

النفـي: لا يمكن لا علاقة لها بالعالم…

الاستنتاج

بالرغم من الإكراهات التي يفرضها المجتمع على الفرد، يحكم أن الآخر جحيم في محاولته تنميط شخصية الفرد، فإن الشخص حر ومسؤول عن أفعاله واختياراته، فهو حر حرية مطلقة غير مقيدة بموانع وإكراهات بحكم أنه ذات أخلاقية عاقلة.


قيمة النص وراهنيته

تكمن قيمة النص في كونه يبين بشكل واضح علاقة الفرد بالمجتمع، حيث تأثير النحن على الأنا، أي الماكرو اجتماعي على الميكرو اجتماعي، ذلك أن المجتمع ينظر إلى الفرد كمشروع مجتمعي، إلا أنه مشروع لا يكتمل إلا بمساهمة الفرد نفسه في بلورة هذا المشروع.

استغـلال معطيـات النص للإجابة على الإشكـال المطروح

الإنسان هو ما يريده الآخر، لكن مادام الإنسان هو أيضا آخر، فالإنسان هو ما يريد هذا الإنسان إلى حد ما.

#bacmaroc #bac #talborjt #agadir #bac2023 #الباكالوريا #etudiant #falsafa #chleuh #imazighen #BACMAROC #BACLIBER

دروس مهمة تهمك 

تأطير إشكالي عام لمجزوءة الوضع البشري


منهجية الفلسفة جاهزة للقولة السنة الثانية بكالوريا


عنوان الدرس : تحليل نص إمانويل مونييه: الحرّية بشروط

 عنوان الدرس : تحليل نص إمانويل مونييه: الحرّية بشروط

تحليل نص إمانويل مونييه: الحرّية بشروط – تحليل النصوص – الفلسفة – الثانية باك

عنوان الدرس : تحليل نص إمانويل مونييه: الحرّية بشروط

المادة : تحليل النصوص – الفلسفة

---------------------------

الشعب: جميع الشعب (علوم تجريبة وعلوم رياضية وعلوم اقتصادية وعلوم والتكنولوجيات الكهربائية…الخ)

المسالك: جميع المسالك (علوم فيزيائية وعلوم حياة والارض واداب وعلوم انسانية والعلوم والتكنولوجيات الميكانيكية ..الخ)

مجزوءة الوضع البشري

المحور الثالث: الشخص بين الضرورة والحرية

--------------------------

تحليل نص إمانويل مونييه:الحرية بشروط

الحرّية بشروط«حرّية الإنسان هي حرّية شخص، وحرّية هذا الشخص بالذات، وكما هو مركّب وموجود في ذاته وفي العالم وأمام القيم، وهذا يستلزم أن تكون هذه الحرّية ملازمة إجمالا لوضعنا الواقعي، ومحصورة في نطاق حدوده، أن تكون حرّا هو أن تقل في البدء، هذه الظروف لتجد فيها ارتكازا، ليس كلّ شيء ممكنا، ولا هو كذلك في كلّ لحظة، هذه الحدود تشكّل قوّة عندما لا تكون ضيّقة جدّا، الحرّية كالجسم، لا تتقدّم إلاّ بالحواجز والاختيار والتضحية، ولكن فكرة المجانية هنا هي فكرة وجود غنّي، والحرّية في شروط ملزمة، ليست من الآن فصاعدا “وعيا للضرورة”، كما سمّاها “ماركس”، إنّ هذا هو البداية لأنّ الوعي وعد وبادرة للتحرّر ووحده العبد من لا يرى عبوديته مهما كان سعيدا تحت سلطتها، إلاّ أنّ هذا البدء هو بالكاد إنساني، ولذلك فقبل إعلان الحرّية في الدساتير أو تمجيدها في الخطابات، علينا تأمين الشروط العامة للحرّية: الشروط البيولوجية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والتي تسمح لقوى ذات مستوى متوسّط أن تشارك في أعلى نداء للإنسانية، وأن نهتمّ بالحرّيات اهتمامنا بالحرّية (…)، إنّ حرّيتنا هي حرّية إنسان في موقف، وهي كذلك حرّية شخص تعطى له قيمة، أنا لست حرّا لأنّي أمارس عفويتي فقط، بل أصبح حرّا عندما أوجّه هذه العفوية في اتّجاه التحرّر أي في اتّجاه شخصنة العالم ونفسي، إذن ثمّة مسافة تمتدّ من الوجود المنبثق إلى الحرّية، وهي التي تفصل بين الإنسان الباطني على حدود الانبثاق الحيوي، والإنسان الذي ينضج باستمرار بأفعاله وفي الكثافة المتزايدة للوجود الفردي والجماعي، وهكذا فأنا لا أستعمل حرّيتي بدون جدوى، بالرغم من أن النقطة التي ألتحم فيها بتلك الحرّية متباعدة في أعماق ذاتي، وليست حرّيتي تدفّقا فحسب، بل هي منظّمة، أو بعبارة أفضل هي مطلوبة بنداء».(إمانويل مويني، الشخصانية، المنشورات الجامعية الفرنسية، 1995، ص: 71-74)

تأطير النص

النص مقتطف من كتاب “الشخصانية” (1949) للفيلسوف الشخصاني المذهب، إيمانويل مونييي، وفي هذا الكتاب يقدم مونييه أطروحة تقول أن حرية الشخص مشروطة نظرا للعلاقة القائمة بين الأنا والآخر.


صاحب النص

هو الفيلسوف الفرنسي المعاصر إمانويل مونييه (1905 – 1950) وهو رائد التيار الشخصاني بفرنسا، أنشأ “مجلة الروح” في أكتوبر 1932 ودعا فيها إلى مناهضة الحضارة الأوربية التي تقوم على المادية المفرطة وهو ما جعلها تعاني من أزمة روحية، أي غياب تربية روحية شخصانية، فالمهمة الرئيسة في نظر إمانويل مونييه ليست هي تغيير العالم وإنما تغيير الفرد، أي دعم كماله الأخلاقي الذاتي الروحي، ودعا مونييه إلى قيام التربية على ثورة روحية تعيد الوحدة بين الروح والمادة في الشخصية، وتتأسس على نزعة إنسانية تنظر إلى الشخص باعتباره كائنا يعيش في إطار اجتماعي كوني، متفتح على الأشخاص الآخرين في المجتمع والكون ويتمتع بروح متسامحة، إزاء كل الأديان، ولذا رفض إمانويل مونييه الماركسية والمادية بكل أشكالها.


الطرح الإشكـالي

هل حرية الفرد مطلقة أم مشروطة؟


المفاهيم الأساسية

التحرر: تدل لدى الفلاسفة الشخصانيين على فعالية يحياها في استمرار شامل كل واحد في منا تضامنه مع مجموع الإنسانية.

شخصنة: عملية تشير أن إلى الإنسان أو الكائن لا يتخذ قيمته إلا في الوقت الذي يدخل في عالم مشخصن.

القـيم: كل القواعد والأخلاق والمبادئ الاجتماعية التي يتواضع عليها الأفراد (المجتمع)، ويحرصون على صونها وتمريرها إلى كل فرد يدخل هذا المجتمع.

الأطروحة

يرى إمانويل مونييه أن الشخص لا يحقق وجوده مع الآخرين في إلا إطار الفعل الحر المتجدد، فحرية الشخص موجودة في ذاته، وهي مشروطة بالوضع الواقعي له، وهي لا تتحقق إلا عندما يتجه الإنسان نحو التحرر في إطار التشخصن، أي الخروج بالذات من عزليتها وفرديتها والاتجاه نحو الشخص عبر الانفتاح على الآخرين والتواصل معهم، وتحمل مصائرهم وآلامهم بكل كرم ومجانية.


الأفكار الأساسية

حرية الإنسان هي حرية شخص، وهذه الحرية تكون ملازمة لواقعه.

أن يكون الإنسان حرا معناه أن يقبل ظروفه واقعه.

الوعي هو وعد وبادرة للتحرر.

تحقيق الحرية يقتضي التفكير في الشروط البيولوجية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

البنية الحجـاجية

آلية التعريف: (حرية الإنسان هي حرية الشخص…).


الاستنتاج

حرية الشخص حرية ملتزمة لأنها تحترم الغير ومشروطة باحترام القيم، إنها موقف وقيمة.


قيمة النص وراهنيته

ينظر النص لموقف هام من الحرية، هو أن لا حرية للأنا بدون استحضار حرية الآخر.


استغـلال معطيـات النص للإجابة على الإشكـال المطروح

ليست حرية الشخص مطلقة بل إنها رهينة بمدى احترام الشخص الحر للأشخاص الآخرين الأحرار.

#bacmaroc #bac #talborjt #agadir #baccalaur #at #etudiant #covid#chleuh #imazighen #tafraout #mirleft

دروس مهمة تهمك 

تأطير إشكالي عام لمجزوءة الوضع البشري


منهجيات – الفلسفة – دروس الثانية باك منهجية مقاربة القولة الفلسفية

 منهجيات – الفلسفة – دروس الثانية باك منهجية مقاربة القولة الفلسفية

عنوان الدرس : منهجية مقاربة القولة الفلسفية

المادة : منهجيات – الفلسفة

الشعب: جميع الشعب (علوم تجريبة وعلوم رياضية وعلوم اقتصادية وعلوم والتكنولوجيات الكهربائية…الخ)

المسالك: جميع المسالك (علوم فيزيائية وعلوم حياة والارض واداب وعلوم انسانية والعلوم والتكنولوجيات الميكانيكية ..الخ)

منهجية مقاربة القولة

من الطرق التي تم اختیارها لمساءلة المترشحین، لاجتیاز امتحان الباكلوریا في مادة الفلسفة، طریقة القولة – السؤال. وفي هذا الإطار، وجب التنبیه إلى بعض الصعوبات التي یمكن أن نجدها في مقاربة القولة، والتي یمكن أن نحصر أهمها فیما یلي:


تعودنا على طریقة مقاربة النص طیلة الدورة الأولى، مما یؤدي إلى تعمیم هذه المقاربة على القولة.

حجم القولة (الصغیر) الذي لا یساعدنا كثیراعلى إدراك مضمون القولة بسرعة.

فهم السؤال المذیل للقولة، وبالتالي موقعته بشكل من الأشكال داخل المكتسب المعرفي السابق.

ولتخطي هذه الصعوبات وغیرها، لابد أن ندرك، أولا وقبل أي شيء، أن السؤال المذیل للقولة سؤال یتألف من مطلبین: مطلب یفترض فیه أن یدفع بنا نحو الكشف عن الأطروحة المتضمنة في القولة، وبالتالي استخراجها. ثم مطلب یدفع بنا نحو مناقشة القولة، وبالتالي تقییم الأطروحة المفترض أن تتضمنها القولة. وسنحاول، فیما یلي، تقدیم تصور نظري حول الخطوات المنهجیة المتوقعة من مقاربة القولة.


طبیعة المقدمة

إن من خصوصیات الفلسفة أنها لاتدرس إلا القضایا ذات الطبیعة الإشكالیة. ومن ثمة، لا بد أن نعمل في مستوى المقدمة على تحویل القولة إلى قضیة إشكالیة. وذلك ما یجعل طریقة التقدیم في مقاربة القولة، قریبة من طریقة التقدیم في مقاربة النص. ویستحسن، في صیاغة الإشكالیة، أن تتنوع الأسئلة إلى نوعین: أسئلة ذات طبیعة ماهویة، وأسئلة ذات طبیعة نقدیة تقویمیة. بما أن المطلوب منا، أولا، هو استخراج أطروحة القولة، فالسؤال الماهوي، یتیح إمكانیة التعمق في القولة والغوص داخلها، بدل أن نحوم حولها. أما الأسئلة ذات الطبیعة النقدیة، فهي توفر مناسبة للابتعاد النسبي عن القولة، وبالتالي إبراز قیمتها الفلسفیة والفكریة على ضوء معطیات قبلیة، وبالتالي أطروحات اكتسبناها سابقا.

طبیعة العرض

یتنوع العرض إلى لحظتین فكریتین مسترسلتین: لحظة القراءة ولحظة التقییم (أو النقد)

لحظة القراءة

وهي لحظة مكاشفة القولة، وبالتالي اللحظة الفكریة التي یجب أن نلزم فیها القولة على التفتق للبوح بأطروحتها أو الخطاب الذي تحمله، أو التصور الذي تعرضه .. أو هذه الأمور كلها مجتمعة. وهذه القراءة تتنوع بدورها إلى قراءتین  سنصطلح على تسمیتهما تباعا بالمقاربة المفاهیمیة، و المقاربة الفكریة. ثم تلیهما مباشرة لحظة الإعلان عن الأطروحة المتضمنة في القولة.

المقاربة المفاهیمیة

وهي لحظة وقوف عند المفاهیم الأساسیة للقولة التي یمكن اعتبارها مفاتیح ضروریة للكشف عن أطروحة القولة. إلا أنه یجب الحرص على أن تبتعد القراءة في المفاهیم، عن الشرح اللغوي والخطاب العمومي المبتذل، وأن تحاول الرقي إلى مستوى التنظیر الفلسفي. خصوصا وأن المفترض، أنه یتم التعود على هذه المقاربة أثناء توظیف النصوص داخل الفصل. علاوة على أن هذه مقاربة یجب أن نتعود علیها في السنة الثانیة أدب، على اعتبار أن أحد الأسئلة المذیلة لنصوص الاختبار، قد یحتم علینا ذلك. بدل شرح “عبارة”، یمكن أن یطلب من تلامیذ السنة الثانیة شرح مفهوم أو مفاهیم من النص).

المقاربة الفكریة

وهي اللحظة الفكریة، التي یجب أن نحول فیها القولة، إلى “مقولات” فكریة وبالتالي “أطر” نستطیع أن نوسعها فكریا وفلسفیا، حتى نجعلها تأخذ طابع الخصوصیة. وبذلك نحول خطاب القولة “المقضب” إلى خطاب رحب، باعتباره، یحمل في مكنوناته أبعادا فكریة، وفلسفیة، لایستطیع أن یكتشفها إلا من كلف نفسه عناء التأمل، والتفكر، والتدبر. بعد ذلك، نستطیع الكشف عن أطروحة القولة، في صورة استنتاج، یظهر أن هذه اللحظة كانت ثمرة للمجهود الفكري الذي قمنا به أثناء القراءة السابقة.

لحظة التقییم

بما أننا الآن نعرف الأطروحة التي كانت القولة تخفیها في طیاتها، فإن ما یتوجب القیام به مباشرة بعد ذلك هو الانفتاح على المكتسب المعرفي السابق، وبالتالي البحث عن الأطروحات التي تسیر في توجه القولة. ونحن نعتبر أن هذه المرحلة لیست تقییما أو نقدا مطلقا، لأن في ذلك نوع من الإتمام للمرحلة السابقة. فالأطروحات التي سنأتي بها كنماذج، لا تأتي لتزكي طرح القولة فحسب، وإنما لتزكي كذلك القراءة التي قمنا بها، وتبین لماذا حددنا أطروحة القولة في موقف دون آخر، أو لماذا تندرج في خطاب فكري معین دون الخطابات الأخرى …إلخ. لتأتي بعد ذلك لحظة التقییم الحاسم، والتي تتجلى في البحث عن النقیض، والمعارض في المكتسب المعرفي، واستثماره، بشكل یظهر بأن الموقف الذي تتبناه القولة لیس بالموقف النهائي.

طبیعة الخاتمة

كثیرا ما یتم الاستخفاف بالخاتمة ونحن نعتبرها لحظة حاسمة من لحظات الموضوع. فهي لحظة تفكر فیما سبق ولحظة تعبیر عن الذات. لذا نعتبر الخاتمة استنتاجا منبثقا من اللحظات الفكریة السابقة، وبالتالي تعبیر عن رأینا الشخصي من موقف القولة. رأي ینطلق من الحق الأسمى (الذي لا یتناقض مع روح الفلسفة) الذي نملكه، في أن نكون مع أو ضد أي خطاب أو تصور، إلا أن ذلك لایجب أن یكون بطرقة جزافیة مفتعلة ولا بطریقة مسهبة.

دروس مهمة تهمك 

تأطير إشكالي عام لمجزوءة الوضع البشري


منهجية مقاربة السؤال الفلسفي – منهجيات – الفلسفة – الثانية باك

 منهجية مقاربة السؤال الفلسفي – منهجيات – الفلسفة – الثانية باك

عنوان الدرس : منهجية مقاربة السؤال الفلسفي
المادة : منهجيات – الفلسفة
الشعب: جميع الشعب (علوم تجريبة وعلوم رياضية وعلوم اقتصادية وعلوم والتكنولوجيات الكهربائية…الخ)
المسالك: جميع المسالك (علوم فيزيائية وعلوم حياة والارض واداب وعلوم انسانية والعلوم والتكنولوجيات الميكانيكية ..الخ)

منهجية مقاربة السؤال المفتوح
إن التوجیهات الصادرة في هذا الشأن، تؤكد على تصور منهجي مضبوط لمقاربة السؤال المفتوح، وهذا أمر یفسح المجال لكثیر من التضاربات والتأویلات، ونعتقد أن طریقة السؤال المفتوح هي بالعكس، من الطرق الأكثر استعمالا لتقییم التلامیذ مقارنة مع طریقة القولة–السؤال، وحتى تكون منهجیة مقاربة السؤال المفتوح في المتناول سنصحب الخطوات النظریة بنموذج، الهدف منه الاقتراب من الكیفیة التي یمكن من خلالها فهم الجانب النظري. من أجل ذلك، نقترح السؤال التالي: “هل یمكن اعتبار الشخصیة حتمیة اجتماعیة ؟”

یمكن أن نلاحظ أن هذا السؤال قابل لكي نجیب علیه بالنفي أو الإیجاب أو برأي ثالث یتأرجح بینهما…إلخ. صحیح أن الفلسفة تفكیر نقدي، إلا أنها، في ذات الوقت، تفكیر عقلي منطقي ینبني على المساءلة والفهم والتفكیر قبل إصدار الأحكام. وحتى لا یظهر موضوعنا في صورة الأحكام القبلیة والجاهزة، لا بد من أن یكتسي صیغة إنشاء، أي بناء فكري متدرج ینطلق من الفهم إلى النقد، مستثمرین الأطروحات الفكریة والفلسفیة التي نعرفها. لنتفحص السؤال المطروح أولا

یلاحظ أننا إذا أزلنا الطابع الاستفهامي للسؤال (هل) یمكن اعتبار الشخصیة حتمیة اجتماعیة (؟)، نحصل على العبارة التالیة : “یمكن اعتبار الشخصیة حتمیة اجتماعیة”. الأمر الذي یستدعي منا أولا، توضیح ما معنى أن تكون الشخصیة حتمیة اجتماعیة؟ ! قبل أن ننطلق في مناقشة “هل یمكن اعتبارها حتمیة اجتماعیة ؟”. ونعتقد أن تسجیل هذه الملاحظة الأولیة سیساعدنا على تمثل الخطوات المنهجیة اللاحقة.

طبیعة المقدمة
لا یجب، أبدا، أن ننسى أن هدف المقدمة في الفلسفة، هو أن نحول الموضوع، المطروح علینا، إلى قضیة إشكالیة. وعلیه لابد أن یتحول السؤال ذاته، إلى إشكالیة. وذلك بتأطیره، أولا، داخل الموضوعة العامة، ثم داخل الإشكالیة الخاصة. كما هو الشأن بالنسبة للنص، أو القولة. لكي تنتهي مقدمتنا، بالتساؤلات الضروریة، المستلهمة من السؤال المطروح علینا ذاته. وحتى یكون كلامنا إجرائیا نعود إلى سؤالنا.

التأطیر الإشكالي للسؤال المقترح: یمكن أن یتخذ تقدیمنا العام، صیغا متنوعة. كأن نستغل – مثلا – التنوع الدلالي لمفهوم الشخصیة، أو نستغل طبیعة الفلسفة وما تتسم به من خصوصیة في دراستها للقضایا المتمیزة بطابعها الإشكالي، لنخلص بعد ذلك إلى التأطیر الإشكالي للسؤال، بإظهار أن هذا السؤال یحتم علینا مقاربة مفهوم الشخصیة خصوصا من حیث إشكالیة الشخصیة وأنظمة بنائها. لننتهي إلى طرح الإشكالیة من خلال صیغة تساؤلیة كالآتي: ما معنى أن تكون الشخصیة حتمیة اجتماعیة ؟ وإلى أي حد یمكن اعتبارها (أي الشخصیة) منتوجا حتمیا لمعطیات اجتماعیة موضوعیة ؟ فلا یجب أن ننسى أن المهم في بناء الإشكالیة، لیس هو وضع التساؤلات لذاتها، ولا عددها، وإنما التعبیر عن التساؤلات التي سنجیب عنها، والتي لن تؤدي الإجابة عنها إلى الخروج عن الموضوع.

طبیعة العرض
ینقسم العرض إلى مرحلتین، وبالتالي لحظتین فكریتین متكاملتین:

مرحلة فهم القضیة المطروحة علینا لتقییمها، ویجب في ذلك أن نستغل مكتسبنا المعرفي والأطروحات التي درست. حیث یجب أن تنم كتابتنا عن تأطیر فكري للقضیة التي سنناقشها. ومن أجل ذلك، یجب أن تبتعد كتابتنا عن العمومیات و”الكلام المبتذل” الذي یمكن أن نجده عند “أي كان”. إلا أنه في ذات الوقت، یجب أن نتحاشى الطابع السردي، الذي لا ینم إلا عن الحفظ والاستظهار. فنعمل، بالتالي، عن الاستثمار الوظیفي الجید للمدروس (في الفصل أو خارجه). وبالنسبة “لسؤالنا” یتعلق الأمر هنا بإظهار تمیز الخطاب السوسیوثقافي في التأكید على الحتمیة الاجتماعیة للشخصیة وأهمیة التنشئة الاجتماعیة في بنائها (توظیف نماذج من الأطروحات السوسیوثقافیة)، مع الحرص على إبراز اقتراب بعض التصورات السیكولوجیة من هذا التمثل. حیث أن المدرسة السلوكیة مثلا، تنفي دور الاستعدادات الفطریة، والمؤهلات الفردیة، في بناء الشخصیة. كما تتمیز المدرسة اللاشعوریة، بتنویع مكونات الشخصیة، إلى جانب فطري (الهو) وآخر ثقافي (الأنا والأنا الأعلى) والتأكید على توجیه الجانب الثقافي للفطري. مما یؤكد التفاف العلوم الإنسانیة (باستثناء المدرسة الشعوریة) حول حتمیة الشخصیة. ویمكن الإشارة إلى وجود أطروحات فلسفیة قریبة من العلوم الإنسانیة تؤكد على الحتمیة الاجتماعیة للإنسان (الماركسیة مثلا). لیتم بعد ذلك الانتقال إلى مرحلة البحث عن الأطروحات النقیض، وبالتالي، الاستغلال الوظیفي الجید للأطروحات، التي ترى رأیا مناقضا لما تم طرحه سابقا بعیدا كذلك عن السرد والاستظهار…

ویتعلق الأمر بالنسبة “لسؤالنا” بالأطروحات الفكریة التي تتمثل الشخصیة، وبالتالي الإنسان، بعیدا عن الإكراهات الاجتماعیة المباشرة، أو النفسیة، الناجمة عن تلك الإكراهات. ویتعلق الأمر – في هذا الصدد – بالخطاب الفلسفي الذي یربط الشخصیة بالوعي (كانط ودیكارت)، والخطاب الفلسفي الذي ینفي عن الإنسان كل ثبات، فیرى الشخصیة في تجدد أصیل وفي دیمومة (برغسون). أو یرى أن لیس للإنسان ماهیة ثابتة، لأن “الإنسان یوجد أولا، ثم یحدد ماهیته بعد ذلك” معبرا عن إرادته وحریته (سارتر).

طبیعة الخاتمة
ما ننفك نؤكد على أن الخاتمة لابد أن تتوزع إلى استنتاج ورأي شخصي. فالاستنتاج یجب أن یكون دائما مستلهما من العرض فیعتبر بالتالي حصیلة، وملاحظة موضوعیة للتنوع الفكري الذي یشوب النظرة إلى القضایا ذات الطبیعة الفلسفیة. الأمر الذي یعطي لنا، كذلك، الفرصة لندلي بدلونا في الأمر، ونعطي رأیا في الموضوع. إلا أن هذا الرأي لابد أن یكون مبررا باقتضاب، فنوظف من أجل ذلك ما نعرفه من أطروحات. وفي كل الأحوال یجب أن نتحاشى الآراء الفضفاضة من قبیل “الأجدر أن نتبنى ما ذهب إلیه الخطاب الفلسفي”، أو “وفي هذا الموضوع یستحسن أن نتفق مع الخطاب السوسیوثقافي.” …إلخ، لأن هذا، كما یلاحظ، كلام یحتاج إلى بعض التوضیح.

دروس مهمة تهمك 

تأطير إشكالي عام لمجزوءة الوضع البشري

  تأطير إشكالي عام لمجزوءة الوضع البشري

عندما نتحدث عن الوضع البشري، فإننا نقصد بذلك كل ما يحدد الذات البشرية ويشكلها في مختلف مستويات وجودها، تلك المستويات التي تتصف بالتداخل والتشابك، الأمر الذي يجعل من هذا الوضع وضعا معقدا يصعب النفاذ الى عمقه وكنهه. ولعل الصعوبات الأساسية التي تعترض سبيل كل من يحاول معرفة هذا الوضع، تتمثل في مكوناته التي يتداخل فيها ماهو مرتبط بالذات كذات، وماهو مرتبط بالذات في علاقتهما بالأخرين، وماهو مرتبط بالذات في علاقتها بالزمن... 
أي ما هو متعال عن الزمان والمكان، وماهو مرتبط بهما. إن هذا الوضع المتشابك يحيلنا من جهة الى مسألة الشخص وما يتعلق بهويته، باعتباره ذاتا قادرة على إدراك ذاتها، ومعرفة خصوصياتها، بفضل وعيها أو وعيها بذلك الوعي أو شعورها بإحساساتها...إلخ، ومن هنا تطرح مسألة الهوية الشخصية، أي ما الذي يجعل كل شخص هو بالنظر الى ذاته؟ ما الذي يميز هذا الشخص عن ذاك، ويمنحه كينونته الخاصة؟ 
وهل تعتبر هذه الهوية الشخصية هي ما يمنح الشخص قيمته، مقارنة مع باقي الكائنات الأخرى، أم أنه يستمد تلك القيمة من بعد آخر غير وعيه الذي – وإن كان قادرا على الارتقاء به الى مستوى أعلى من مستوى الكائنات الأخرى – لا يمنحه غير قيمة مبتذلة ومنحطة؟ الى جانب هوية الشخص وقيمته، تطرح أيضا مسألة الوضع الإشكالي لوجوده، بين خضوعه لحتميات وضرورات لا يستطيع التخلص منها، باعتبارها ما يحدد ذلك الوجود. وبين قدرته على التعالي عن ذلك الوضع، باعتباره ذاتا واعية مفكرة...

من هنا نستطيع أن نميز بين الوضع البشري، وبين الطبيعة البشرية، فإذا كان الوضع البشري يحيل الى ماهو كوني، ومشترك، ومتعالي في الإنسان، فإن الطبيعة البشرية تشير الى العناصر الموضوعية التي تحيط بهذا الإنسان أو ذاك، وهي العناصر المرتبطة بالتاريخ، والظروف الاجتماعية، والضرورات المتحكمة في الإنسان...

وعندما ننفتح على علاقة الذات بالآخر، تبرز مسألة الغير باعتباره ذلك المماثل والمخالف للذات. فإذا كان لكل شخص هويته الخاصة به، فكيف يمكن للهوية الذاتية أن تثبت وجود هوية أخرى تتماثل معها، وتختلف عنها في آن واحد؟ كيف يمكننا إثبات وجود الغير انطلاقا من هذه الثنائية التي تجعل منه ذاتا وموضوعا في نفس الوقت؟ فإذا كانت موضعته قد تختزله الى مجرد موضوع أو شيء فكيف يتأتى لنا فهم طبيعة وجوده؟ 

و إذا نحن تجاوزنا ذلك و أثبتنا للغير وجوده، فهل تتأتى لنا معرفته انطلاقا من نفس الاعتبار؟ ألا تشكل ثنائية ذات/موضوع عائقا أمام تحقيق تلك المعرفة؟ وإذا تجاوزنا الصعوبات التي يثيرها وجود الغير مثلما تثيرها معرفته، فما هي طبيعة العلاقات الممكنة بين الذات والغير، هل هي علاقة داخلية أم خارجية؟ هل هي علاقة تعاطف، أو تواصل، أو غرابة، أم ماذا؟

دروس الفلسفة مجزوءة الوضع البشري درس الغير

 مجزوءة الوضع البشري الغير

الطرح الإشكالي

إن مفهوم الغير من المفاهيم الفلسفية الحديثة التي لم تحتل مركز الصدارة إلا مع فلسفة هيغل، بعدما كان كل اهتمام التفكير الفلسفي يتمحور حول الذات، وبما أن الذات قد تنتج أفكارا خاطئة حول موضوعات خارجية نتيجة خداع الحواس، فإن هذا الأمر قد يدفع إلى الشك في الغير، ووضع وجوده بين قوسين، مما يترتب عن ذلك أن إنتاج معرفة حول الغير تتميز بالاختلاف، بل احتمال عدم إنتاجها أصلا، إضافة إلى تعدد وتنوع العلاقة التي تربطنا به، وهذا ما يمكن التعبير عنه بواسطة الأسئلة الآتية:


هل الغير موجود أم لا؟

هل معرفة الغير ممكنة؟ وإن كانت كذلك كيف يمكن أن نبني هذه المعرفة؟

ما طبيعة العلاقة التي تربط الذات بالغير؟

المحور الأول: وجود الغير

وجود الغير والصراع

يكون وعي الذات وجودا بسيطا لذاته حسب فريدريك هيغل تقوم ماهيته في كونه أنا، غير أن الآخر هو أيضا وعي لذاته، باعتباره لا / أنا، هكذا تنبثق ذات أمام ذات، يكون كل واحد بالنسبة للآخر عبارة عن موضوع، كل منهما متيقن من وجود ذاته، وليس متيقنا من وجود الآخر، لكن مازال لم يقدم بعد أحدهما نفسه للآخر، تتمثل عملية تقديم الذات لنفسها أمام الآخر في إظهار أنها ليست متشبثة بالحياة، وهي نفس العملية التي يقوم بها الآخر حينما يسعى إلى موت الآخر، أي الأنا، إن وجود الغير بالنسبة للأنا في تصور هيغل يتم بواسطة الصراع من أجل الحياة والموت، لأن على كل منهما أن يسمو بيقين وجوده إلى مستوى الحقيقة بالنسبة لذاته، وبالنسبة للآخر.


وجود الغير ووجود الذات

إن الموجود هنا باعتباره وجودا فرديا خاصا لا يكون مطابقا لذاته – في نظر مارتن هايدغر – عندما يوجد على نمط الوجود "مع / الغير"، فهذا الوجود المشترك يذيب كليا الموجود هنا، الذي هو وجودي الخاص في نمط وجود الغير، بحيث يجعل الآخرين يختفون ويفقدون ما يميزهم وما ينفردون به، مما يسمح بسيطرة الضمير المبني للمجهول، هذا المجهول ليس شخصا متعينا، إنه لا أحد، كما أن بإمكان أي كان أن يمثله، إن وجود الغير – في تصور هايدغر – يهدد وجود الذات من خلال إذابتها وسط الآخرين، ووسط المجهول.


المحور الثاني: معرفة الغير

الغير والحميمية

إن حميميتي، أي حياتي الخاصة هي عائق أمام كل تواصل مع الغير، يقول غاستون بيرجي: "حيث تجعلني سجين ذاتي، فالتجربة الذاتية وحدها هي الوجود الحقيقي بالنسبة لي، وهي تجربة غير قابلة للنقل إلى الآخر، فأنا أعيش وحيدا وأشعر بالعزلة، كما أن عالم الغير منغلق أمامي بقدر انغلاق عالمي أمامه، فعندما يتألم الغير يمكنني مساعدته، ومواساته ومحاولة تخفيف الألم الذي يمزقه، غير أن ألمه يبقى رغم ذلك ألما خارجيا بالنسبة لذاتي، فتجربة الألم تظل تجربته الشخصية وليست تجربتي"، وهكذا تتعذر معرفة الغير – في نظر بيرجي – مادام الإنسان كائنا سجينا في آلامه، ومنعزلا في لذّاته، ووحيدا في موته، محكوما عليه بأن لا يشبع أبدا رغبته في التواصل.


الغير بنية

إن الغير ليس فردا مشخصا بعينه – حسب جيل دولوز – بل هو بنية أو نظام العلاقات والتفاعلات بين الذوات والأشخاص، يتجلى هذا النظام في المجال الإدراكي الحسي، مثلا فأنا حين أدرك الأشياء المحيطة بي لا أدركها كلها ومن جميع جهاتها وجوانبها وباستمرار، وهذا يفترض أن يكون ثمة آخرون يدركون مالا أدركه من الأشياء، وفي الوقت الذي لا أدركه، وإلا بدت الأشياء وكأنها تنعدم حين لا أدركها وتعود إلى الوجود حين أدركها مجددا، وإذا كان هذا مستحيلا، فإن الغير إذن يشاركني إدراك الأشياء، ويكمل إدراكي لها، وهكذا يجرد دولوز الغير من معناه الفردي المشخص، ويضمنه معنى بنيويا.


المحور الثالث: العلاقة مع الغير

علاقة الصداقة

إن الصداقة باعتبارها مثالا هي اتحاد شخصين يتبادلان نفس مشاعر الحب والاحترام، في نظر إيمانويل كانط وغاية هذا المثال هو تحقيق الخير للصديقين الذين جمعت بينهما إرادة طيبة، يتولد عن مشاعر الحب تجاذب بين الصديقين، في حين يتولد عن مشاعر الاحترام تباعد بينهما، إذا تناولنا الصداقة من جانبها الأخلاقي فواجب الصديق تنبيه صديقه إلى أخطائه متى ارتكابها، لأن الأول يقوم بهذا التنبيه لأجل خير الثاني، وهذا واجب حب الأول للثان، بينما تشكل أخطاء الثاني تجاه الصديق الأول إخلالا بمبدأ الاحترام بينهما، لا يجب إذن أن تقوم الصداقة – حسب كانط – على منافع مباشرة ومتبادلة، بل يجب أن تقوم على أساس أخلاقي خالص.


علاقة الغرابة

لقد رفضت جوليا كريستيفا المعنى اليوناني القديم لمفهوم الغريب المرتبط بالآخر، الذي نكن له مشاعر الحقد باعتباره ذلك الدخيل المسؤول عن شرور المدينة، أو ذلك العدو الذي يتعين القضاء عليه لإعادة السلم إلى المجتمع، إن الغريب في نظرها يسكننا على نحو غريب، ونحن إذ نتعرف على الغريب فينا نستبعد أن نبغضه في ذاته، إن الغريب يبدأ عندما ينشأ لدي – تقول كريستيفا – الوعي باختلافي، وينتهي عندما نتعرف على أنفسنا جميعا وندرك أننا غرباء متمردون على الروابط والجماعات، كما انتقدت كريستيفا الدلالة الحقوقية المعاصرة للغريب التي تطلق على من لا يتمتع بمواطنة البلد الذي يقطنه، لأنها تسكت عن وضعية المختلف التي يتخذها الإنسان داخل جماعة بشرية تنغلق على نفسها مقصية المخالفين لها.


استنتاجات عامة

هناك فرق بين الآخر والغير، فإذا كان الآخر هو ذلك الكائن المادي الذي يتميز بوجود واقعي إلى جانب أو في مقابل الذات، فإن الغير مفهوم فلسفي نظري يتضمن الخصائص المجردة للآخر.


إن مفهوم الغير مفهوم يتضمن معرفة متناقضة حول الآخر، فتارة يحدده كأنا آخر باعتباره متطابقا مع الذات، وطورا يحدده باعتباره لا – أنا مركزا على مظاهر التناقض مع الذات.


إن العلاقة مع الغير في الحقيقة هي علاقة بصيغة الجمع، تتميز بالتعدد والتنوع. تبدأ بعلاقة الحب والاحترام والصداقة، مرورا بعلاقة الغرابة والقرابة …، وتنتهي مع علاقة الصراع والتنافس والعداوة.

جميع الحقوق محفوظة لــ احسن منصة للدروس وتعلم اللغات 2015 ©